لم يكن الحوار مسألة ترفيه بل منهج حياة, ومن لا يؤمن بالحوار لا يقبل بالتعايش السلمي مع الغير, ولا يرفض الحوار إلا متحجر تربّى على الانغلاق وعدم الاعتراف بالآخرين المختلفين معه في الرأي، ورفض الحوار أسلوب همجي لا يقبله العقلاء، ولا يرضى به من لديه ذرة من الإيمان بالله رب العالمين. إن الأحداث الدموية التي شهدتها اليمن جراء الأزمة السياسية المفتعلة من قبل أحزاب اللقاء المشترك قد أوجدت قناعة لدى الصغير والكبير أن الحوار منهج الحياة الآمنة والمستقرة، وأنه أسلوب حضاري يحقن الدماء ويصون الأعراض ويجنّب البلاد والعباد الدمار ويحفظ لليمن وأبنائه كافة مقدّرات الوطن ويعزز الوحدة الوطنية ويزيل عوامل الشك ويقرّب وجهات النظر المختلفة ويجسّد الثقة بين مكونات المجتمع. إن الحوار طريق آمن وسليم من أجل الوصول إلى كلمة سواء تخلّص المجتمع من المشكلات مهما كانت، وبأية وسيلة تنتهجها المجتمعات. غير الحوار فهي مهلكة لأنها تزيد الاختلاف وتعمق الجراح وتعرض المجتمع لخطر حقيقي ينذر بزوال المجتمعات التي تختار وسائل غير الحوار لحل خلافاتها.. ولعل اليمنيين منذ فجر التاريخ قد أدركوا هذه الحقيقة وتمسّكوا بها؛ لأن تجارب الحياة قد علّمتهم أن الحوار وسيلة حضارية تحقق الرضا والقبول من كل الأطراف. لقد برهنت الأحداث أن الفئة الباغية هي التي ترفض الحوار وتتعالى على المجتمع وتصاب بالغرور، وتصر على الكيد وترهن نفسها للشيطان الرجيم، وأن هذه الفئة في مختلف مراحل الصراع السياسي لا يمكن أن تحقق القبول والرضا وهي الخاسرة في كل الأحوال. ولذلك كله فإن على العقلاء في اللقاء المشترك أن يدركوا أن الحوار هو الوسيلة الحضارية الدينية والإنسانية التي من خلالها يتحقق الرضا والقبول والوصول إلى كلمة سواء، لأن اليمنيين قد أدركوا أن التداول السلمي للسلطة بات منهج حياة، ولا قبول لمحاولات الانقلاب على الشرعية الدستورية، فهل من عاقل يعقل ويدرك الحقيقة؟!.. نأمل ذلك بإذن الله.