شيءٌ واحدٌ ربما سيجعلُ من التاريخ يشفعُ لإخواننا في أحزاب المعارضة زلّاتهم التي اقترفوها بحق الوطن والمواطن جرّاءَ عنادهم ومكابرتهم وإلحاحهم في استخدام المكايدات السياسية بأسلوب كسر العظم، وهو التكفيرُ عن هذه الويلات التي جلبوها خلال السنوات والأشهر الأخيرة عن طريق العودة للحوار واتّباع المسلك الديمقراطي الذي لا يوجد مسلكٌ سواه لتحقيق ذلك، أمّا غيرُهُ من السبل فمليئة بالأشواك ومحفوفة بالمخاطر وهاهي الأيام تُبرهنُ صحة ذلك .. لقد جربوا كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى السلطة واستخدموا ما لم يكن في الحسبان لتحقيق ذلك، لكن الأيام أثبتت أنهم كمن يرقص في الظلام لا يراه أحدٌ حتى نفسه، ومع ذلك يصدّقُ هذه النفس الأمّارة بالسوء أن الجميع معجب به وبرقصه، وكل ذلك مجرّدُ أوهامٍ وخرافاتٍ وأمنياتٍ لا تمتُّ للواقع بصلة .. لو كانوا يعقلون وهذا ما نتمناه لكفاهم فقط التبايناتُ التي طرأت على سطح المشهد السياسي مؤخراً بعد أن حاولوا سنين وأياماً كتمانها والتستر خلفها كي يظهروا للآخرين أنهم على قلب رجل واحد والحقيقة أن البعض يحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى .. شخصياً ليس من أخلاقنا التشهير بهؤلاء وأفعالهم، لكننا فقط نُذكرهم أن استغفالَ العقول والضحك على الذقون ليس من أخلاق اليمنيين فالاعترافُ بالحق فضيلة، والحقُّ أحقُّ أن يُتّبَع، والوطنُ أغلى وأسمى من كل هذه التُرّهات والخزعبلات وأحلام اليقظة التي هي في الغالب تخدمُ أجندةً خارجية يعلمونها تماماً.. لن نخوضَ في الفكر الإخواني ولا الحوثي ولا الشيوعي ولا الناصري و..و.. و...الخ فهي واضحة كالشمس في رابعة النهار، ولا نريد أيضاً أن نذكّرهم بالتباين الأيديولوجي وما يُكنُّه كلُّ طرفٍ للآخر وكيف يتربَّصُ بعضُهم ببعض، وإنما نقول لهم : لم تتفقوا حتى اليوم على مسمى دولتكم التي تطمحون إلى إقامتها فكيف ستديرون بلداً تعداد سكانه خمسة وعشرون مليون نسمة وقد شاركتم في إزهاق عشرات إن لم يكن مئات الأرواح في الجوف وحدها خلال حوالي ثلاثة أشهر بسب طموح كل طرف في السيطرة على الآخر بمنطق القوة وليس بالتفاهم والاحترام والحوار والكفاءة والشرعية الدستورية .. تناقضاتٌ لا حصرَ لها تلك التي شاهدناها ونشاهدُها منذُ اندلاع الأزمة الراهنة جرّاء َالسياساتِ الانتهازية والأساليب المقززة التي ينتهجُها هؤلاء في تعاطيهم مع هذه الأزمة فعندما تناقش أحدهم يقول لك : إن هدفهم الرئيسي الآن هو إسقاط النظام وحين تسأله عن ما بعد ذلك يقول لك بكل بساطة: لكل حدث حديث ،، وكأنهم لم يقرأوا التاريخ ولم يعتبروا بما جرى ويجري في بلدان شقيقة جرّاءَ الاستجابة لتلك النزوات غير المدروسة وغير المنطقية. لقد قُدِّمتْ لهم السُلطةُ على طبقٍ من ذهب، وحصلوا على ما لم يكُنْ في حُسبانهم ' إنما الروحُ الانتقامية التي تسكنُ بعضَهم تأبى إلاّ أن تنتقمَ من كُلِّ من خالفها الرأي، أو حال بينها وبين أحلامها وطموحاتها وهو ما ظهر جلياً في خطبهم ومقابلاتهم وتصريحاتهم المُكدّسة بالتناقضات والمفخخة بالألغام ،، ولو لم يكن سوى حديثهم عن أن النظامَ مُرتهنٌ للأجنبي بينما هم ظلوا مُنتظرين جيفري فيلتمان وجون برينان لساعات طوال كي.. وكي .. وكي .. لكفى ،، وعندما لم يستجيبا لرغباتهم بالشكل المأمول تراهم يتحدثون عن الارتهان للأجنبي . بينما هم لم يرتهنوا له .... حيرتمووووونا !! أخيراً .. كفى رقصاً في الظلام، وكفى تخبطاً وهذياناً، وإنهاكاً لهذا الشعب، نرجو أن تفرّقوا بين الرسم على الورق، وبين الواقع الذي يحتاجُ جهوداً جبّارةً كي يتحقق ،، فالوطن يتسعُ للجميع، وليس من حلٍّ لهذه الأزمة سوى الحوار أو الصندوق على غرار ما كانت تقوله الزميلة رواء عصمت في أحد برامجها الرمضانية ،، أمّا المغامرات فقد ولّى زمنُها، ولم يعد لها مكان في مجتمعاتنا، «ويا راقصه بالغدرا ما حد يقلّك ياسين» ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، والحليم تكفيه الإشارة .. [email protected]