عادة ما تكون لبعض المقالب الاجتماعية التي نتعرض لها نتائج ايجابية وطيبة ولها لمسات مؤثرة في تغيير أنماط حياتنا الخاصة من الاسوأ إلى الأحسن ومن السلب إلى الايجاب وهذا ما حدث بالفعل مع أحد الأصدقاء والذي تعرض لمقلب اجتماعي لطيف وطريف وهادف في نفس الوقت وكان اخوه الأكبر هو الفاعل واللاعب الأساسي في حبك أحداث المقلب وبشكل متقن ولقد استهل هذا الصديق حديثه عن المقلب الذي تعرض له بالقول : إنه كان يتميز بصفات سلوكية وشخصية كئيبة ومملة ولو كان الجبل رفيقاً له لانفظر منها إلى شقين قهراً وكمداً من ثقل دمها كالتشاؤم من الحياة والانطوائية والعزلة وعدم الوثوق بكل من حوله والكفر بشيء اسمه الصداقة الحقيقية وعدم الاعتراف برومانسية الشكل والمضمون للإنسان لذا كان يهمل مظهره الخارجي ويتعامل مع الناس بتكبر وجفاء ويكره مشاهدة الأفلام والمسلسلات الرومانسية الاجتماعية وبالأخص التي تغلب عليها عاطفة الحب وأما أفلام الاكشن العنيفة وأفلام المغامرات والرعب والمسلسلات ذات الطابع السياسي كان يتلذذ بمشاهدة أحداثها وكذلك ينطبق الحال مع نوعية الكتب والمجلات التي كان يقتنيها فكلها كانت بوليسية وسياسية وأما الكتب الأدبية والثقافية والعاطفية فكانت ممنوعة من الدخول إلى غرفة نومه لأنها تسبب له حساسية ذهنية. ويقول أيضاً: بأنه كان لا يفضّل الاستماع إلى الأغاني العاطفية وبنوعيها القديم والحديث وخاصة أغاني الراحلين من كبار المطربين العرب أمثال عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم وغيرهم من المطربين الذين ينتمون إلى الزمن الجميل وفي المقابل كان يعتبر “الحب” مجرد كلمة جوفاء لا معنى لها ولا أساس لوجودها فينا كما كان يخيلاً مع كل من حوله فالمال كان حبه الأول والأخير ويعتبره هو الصديق الوحيد له والقريب منه وكان يرفض فعل الخير وتقديم يد العون والمساعدة لكل من يلجأ إليه وعلى الرغم من أنه يستطيع فعل ذلك إلا أن الأنانية قيدته وسيطرت عليه لدرجة أنها جعلته يتمنى زوال النعمة على الغير وان تظل له هو فقط. ويقول: بأن مجمل هذه الصفات القبيحة والتي تميز بها كرهت الناس فيه وجعلته اكثر انطوائية وانعزالاً كما أنها جعلت أخاه الأكبر يحتار فيه وبسلوكياته التي لا تُطاق فأرشده عقله في نهاية الأمر إلى الإقدام على فعل مقلب به حتى يكون له اثر ايجابي على تغيير حياة أخيه الأصغر منه سناً إلى الأجمل وبعد تفكير عميق اهتدى إلى المقلب المناسب الذي سيعالج المشكلة حيث اتفق مع أحد أصدقائه على تنفيذه وكانت مهمة صديقه هي كتابة رسائل غرامية من فتاة وهمية وبعد ذلك يتم تسليمها إلى اخيه الأصغر وعن طريق احد الأطفال، وفعلاً بدأ أخوه الأكبر بتنفيذ المقلب على أخيه الأصغر، ففي اليوم الأول وفي أثناء عودته من عمله إلى المنزل إذا بالطفل يهرول إليه ويسلمه الرسالة الأولى ودونما أن يعترض عليها أو يسأل عن مصدرها فأخفاها في جيب سرواله وعند وصوله إلى المنزل توجه مباشرة إلى غرفة نومه ومغلقاً عليه بابها وقارئاً الرسالة والتي احتوت سطورها على اعتراف الفتاة الوهمية بحبها له وكشفت له عن الأسباب التي جعلتها تحبه ومنها شخصيته السوية والجذابة واعتناؤه بمظهره الخارجي ورقته ورومانسية التي يتحدث المحيط الاجتماعي عنها، وبعد قراءته للرسالة إذ به في اليوم التالي يبدأ بتغيير مظهره الخارجي وصارت الأناقة تلازمه كظله حتى انه أصبح أنيقاً في كلامه مع الآخرين وصار إنساناً رومانسياً في كل شيء، ويقول: إنه وبعد مرور أسبوع على استلامه للرسالة الأولى وصلته رسالة ثانية والتي أشادت سطورها بما فعله من تغييرات مظهرية وسلوكية ولكن فتاة الرسالة في السطور الأخيرة حبذت لو أنه يزيد من هذه التغييرات كالابتعاد عن الانطواء والعزلة والاتجاه نحو مخالطة الناس بمختلف فئاتهم ومشاركتهم مشاكلهم وهمومهم ومد يد المساعدة لهم بقدر المستطاع لأن هذه الأفعال ستزيد من حب الفتاة له وستجعل الناس يأخذون عنه نظرة ايجابية وطيبة، وفعلاً قام بتنفيذ ما طلب منه حتى أصبح إنساناً اجتماعياً واكثر تقرباً من الناس والذين صاروا يضربون به المثل في التواضع والاحترام، ويقول إنه وبعد مرور شهرين وصلته رسالة ثالثة والتي أخبرته سطورها بأن الفتاة ما عادت تحبه إنها مجرد وهم وشخصية من وحي الخيال وأن ما حدث له هو مقلب يهدف إلى إصلاح ذاته المريضة. واختتمت الرسالة باعتراف بأن الفاعل هو شخص يحبه ويتمنى له الخير ويرجو منه بأن لا ينزعج من المقلب الذي تعرض له ولقد كان رده على هذه الرسالة هو الصمت لبرهة ومن ثم الذهاب إلى أخيه الأكبر والذي أخبره بما حدث له وطالباً منه مساعدته في الوصول إلى الشخص الذي فعل معه هذا المقلب فسأله لماذا – تريد التعرف عليه ؟ هل تريد الانتقام منه ؟ فإجابه بالقول : بالعكس فأنا أريد أن أشكره وأعبر عن امتناني له لما فعله معي وعند هذه الكلمة أمسك أخوه الأكبر بيده وحينها قام بعناقه وشكره على صنيعه والذي حوله إلى إنسان ثانٍ. وخلاصة الموضوع أن الإنسان قد تحدث له مواقف وبدون أن يدري بساعة وقوعها ولكنها غالباً ما تكون لصالحه وتعمل على تغيير حاله إلى الأجمل وقد يحدث هذا التغيير عن طريق مقلب أو مزحة أو حادث أو موقف محرج فيصبح الطالح صالحاً والفاسد تائباً وعفيفاً والذميم نبيلاً والبخيل كريماً.