أظلنا شهر القرآن الذي أقبل إلينا هذا العام على حياء وكثير من حرج، فلأول مرة يأتي رمضان وكثير من اليمنيين يعانون عذاباً مريراً ورعباً أسود وحرباً مخيفة!!. لم يكن ما حدث في اليمن زلزالاً قادماً من السماء أو منبعثاً من الأرض بفعل غضبة طبيعية؛ وإنما بفعل الأشقياء الجاحدين المفسدين في الأرض، الذين يمتصّون عرق الشعب وقت السلم ودمه وقت الحرب. إن رمضان شهر القرآن الذي يحرم المسلم على المسلم، ويكفل الحقوق، ويحترم الحريات. وعندما كنا - ولانزال - نذكّر بأن قراءة القرآن تختلف عن قراءة التوراة والإنجيل؛ فإننا نعني أن قراءة القرآن تعني تطبيق أحكامه؛ والوقوف عند حلاله وحرامه، أي أن قراءة القرآن ليست بدافع العادة الطقوسية أو التبرُُّك على أحسن الأحوال كما يفعل النصارى واليهود. إن القرآن تلاوة وتدبّر والتزام وتنفيذ؛ فيه أمر لحاكم الأمة أن يعدل ويساوي بين أبناء شعبه ووطنه لأنه مسئول عن كل واحد منهم فرداً فرداً. وفيه أمر للمواطن أن يحترم المواطن ولي أمره ويطيعه كما يطيع الله ورسوله إعمالاً لقول القرآن: (أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم) بعد أن يحسن المواطن الاختيار ويعطي البيعة. وفي القرآن أن يرعى وصي الأيتام حقوقهم، وألا يخونهم، وفيه أمر للتاجر أن يرفق بإخوانه المواطنين وأن يتقي الله فيهم وبخاصة أيام الأزمات. وفي القرآن أمر للمرأة أن تتقي الله في زوجها، فلا تخونه في عرضها وما هو عندها من أمانة، وفيه أمر الرجل أن يتقي الله في زوجه وأبنائه ويعاملهم بالمعروف والإحسان. وفي القرآن أمر للمسلمين بالتسامح والتواد والمحبة؛ أن يرحم الكبير الصغير، ويحترم الصغير الكبير، ويبتعدوا عن كل أسباب الفرقة والخلاف، ومن أسباب هذه الفرقة هذه الحزبية اللعينة التي أصبحت مثيرة للعداوة والبغضاء والأحقاد. ألا فليعلم الحزبيون أن الشعب اليمني يعلم أن الحزبية أصبحت في الوقت الحاضر مصدراً للارتزاق الحرام، فليتق الله الحزبيون، فالمال الذي يأكلونه حرام حرام حرام؛ لأنه دافع للتنابذ والفُرقة والحروب التي تستحل دماء المسلمين. هل شهر رمضان ذكرى للمراجعة؟! نعم هو عند المسلم الحق هكذا، ورب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، ورب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه؛ لأنه لا يطبّق أوامره، بل هو في وادٍ والقرآن في آخر!.