كم هو لطيف وجميل ورائع أن تأتي الجمعة التي ترفع فيها كل الأحزاب والقوى السياسية في اليمن اليافطات والرايات العريضة وقد كتب عليها جمعة التفاهم والحوار من أجل التغيير والتداول السلمي للسلطة في إطار الديمقراطية والشرعية الدستورية من أجل بناء اليمن وتقدمه وازدهاره ونبذ كل الخلافات من أجل المصالح الشخصية أو المشاريع الأنانية الضيقة من أجل اليوم الذي يضع فيه الجميع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار والعمل معاً لترسيخ الأهداف والمبادىء الثورية وتعميق جذور الوحدة الوطنية واختيار الأنسب والأصلح للحكم عبر صناديق الانتخابات بالطرق النزيهة والشريفة والتخلي عن الظنون والشكوك السيئة بشأن ما يترتب عنها من نتائج لصالح هذا الحزب أو ذاك ونثبت للعالم من حولنا أننا بالفعل أبناء بلد الحضارة والتاريخ التي يفخر كل العرب بالانتساب إليها وأننا بالفعل أبناء بلد الإيمان والحكمة التي أشار بها الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام وكرمّها المولى عز وجل بالذكر في كتابه المبين بقوله “بلدة طيبة ورب غفور”. ولم يكتفِ بذلك فحسب وإنما سمى إحدى سور القرآن الكريم باسمها ألا وهي سورة سبأ التي ذكر فيها أمجاد الدولة اليمنية السبئية وملكتها بلقيس العظيمة التي أسلمت لرب العالمين وتزوجت بنبيه سليمان عليه السلام والتي عُرفت برجاحة العقل والحكمة والشورى في الحكم واتخاذ القرار الأول والأخير فيما يتعلق بمصير البلاد وشعبها الذي صار أبناؤه من نسل الأنبياء والمرسلين والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدمر كل تلك الحضارة والأمجاد والتاريخ العظيم لبلادنا وآبائنا وأجدادنا من أجل خلافات بسيطة ليست سوى من فعل أعداء اليمن والمتربصين به والحاقدين على تاريخه وحضارته وتقدمه وازدهاره وحكمة أهله وأبنائه وتضحياتهم البطولية للدفاع عن أمنه واستقراره، وليعلم كل منا أننا اليوم أحوج ما نكون للتفاهم والحوار والتآخي والمحبة والوئام ولم الشمل وتوحيد الكلمة والتنازل والتضحية للحفاظ على وحدة الوطن أرضاً وشعباً والدفاع عن خيراته ومكاسبه والعمل لتعويض ما فاته من الرخاء والتقدم والازدهار في عهود الظلام الإمامي والاستعماري التي خيمت على بلادنا لعدة عقود من الزمان وألا نكون أقل تضحية وفداء من أولئك الأحرار والمناضلين الذين قاوموا عتاولة الاستبداد والاستعمار الإمامي والبريطاني والإحاطة بهما من خلال تفجير ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر 1962م والرابع عشر من أكتوبر 1963م المجيدتين وألا ننسى فضل من ناضلوا وجاهدوا لتحقيق الوحدة الوطنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م وفي مقدمتهم فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي توجت جهوده ومساعيه الحميدة لسنوات حكمة الرشيد برفع العلم الوطني لدولة الوحدة اليمنية المباركة وإعلان قيام الجمهورية اليمنية في الوقت الذي كانت تشهد فيه المنطقة والعالم مزيداً من التشطير والانقسام والتمزق لما كان يعرف بالوحدة المصرية السورية ومجلس التعاون العربي ودول الاتحاد السوفيتي فكانت الوحدة اليمنية معجزة بالنسبة لدول العالم وأنموذجاً فريداً للوحدة الألمانية وقيام ما يسمى بدول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الاتحادات التي اتخذت من الوحدة اليمنية قدوة حسنة لتحقيق الأمن والاستقرار على مستوى المنطقة والعالم. لهذا فليس أمامنا اليوم سوى الحفاظ على وحدتنا ونبذ كل الخلافات وتعميق أسس ومبادىء الشورى والديمقراطية واستكمال الإجراءات اللازمة لبناء دولة النظام والقانون والمؤسسات الشرعية والدستورية وتغليب المصلحة العامة للقضاء على الفساد والأمية والتخلف والفقر والجهل والمرضى ونبذ الفوضى والعنف والتخلي عن كل المظاهر المسلحة ونشر الوعي الاجتماعي في أوساط المجتمع القبلي للتوجه نحو التعليم والبناء والعطاء والتخلي عن السلاح وتسليمه إلى المؤسسة العسكرية المعنية بالدفاع عن الشعب والوطن بحيث يكون سلاحنا الوحيد هو العلم والثقافة والمعرفة ورجاحة العقل وحل كافة خلافاتنا ومشاكلنا السياسية والاجتماعية بالعقل والمنطق والحكمة والموعظة والكلمة الحسنة والإجماع والاتفاق على تفعيل دور المشائخ والأعيان والوجهاء ومنظمات المجتمع لنشر ثقافة المحبة والإخوة والوئام والتعاون والتراحم والتلاحم في أوساط الشعب وكافة الشرائح الاجتماعية والسياسية ودعوتهما للمشاركة السليمة والفاعلة في بناء الوطن والالتفاف حول القيادة السياسية ودعم النظام الحاكم بكل مايلزم من الرؤى والأفكار والسبل الإيجابية لتحقيق أماني وطموحات الشعب للتغيير نحو الأفضل عبر المؤسسات الشرعية والدستورية. وبحيث يتم العمل على إزالة كل الشبهات ووجهات النظر السلبية حول الوحدة الوطنية ودعوة كل العناصر والقيادات والشخصيات السياسية والوطنية الاجتماعية للجلوس على طاولة الحوار لمناقشة وحل كافة القضايا المتعلقة بالوحدة ومعالجتها بصراحة ووضوح وشفافية بما يكفل ترسيخ الوحدة وتعميم خيراتها على كل أفراد الوطن وبما يكفل وضع الجميع في ميزان العدالة والمساواة ونسيان ومحو كل أنواع النعرات الطائفية والأسرية والقبلية والعشائرية والحزبية ومحاربة كل من يدعو إلى التفرقة أو التمييز العنصري بكافة أشكاله وأنواعه والتوصل إلى إجماع وطني متكامل لمكافحة ومحاربة الفساد والإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه والتزام كافة المحافظات بما يتبعها من أجهزة وساطات محلية بإزالة كافة عناصر ورموز الفساد والقضاء على كافة عصابات الإرهاب وعناصر تنظيم القاعدة ومن يقف وراءها من العصابات المسلحة والعناصر الخارجة عن النظام والقانون لكي يعم الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار كافة ربوع الوطن والتفرغ من قبل الجميع للبناء والعطاء وخلق مستقبل واعد لاستقطاب الاستثمارات المختلفة وتنفيذ خطط التنمية في مجال الكهرباء والطاقة والصناعة والتجارة والسياحة والاتصالات والصحة والبيئة والزراعة والثروة السمكية والثقافة والتعليم وغيرها من المجالات الانمائية اللازمة لتمكين اليمن من اللحاق بركب الحضارة والتقدم والازدهار والأمن والاستقرار وتحسين مستوى دخل ومعيشة المواطن وبما يحقق له العيش الكريم واللائق به كون المواطن هو أساس التنمية وغايتها.