التقليعة الأخيرة التي ظهرت بها الموضة الجديدة لبضاعة المعارضة في السوق السياسية ببلادنا هي “تصفية الرموز الإعلامية الوطنية والرسمية على الساحة اليمنية”. والبداية الجادة طبعاً لهذه التقليعة كانت “عبده محمد الجندي” نائب وزير الإعلام والناطق الرسمي بلسان الحقيقة، والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة على جميع الملأ في الداخل والخارج هو: “لماذا الإعلام؟ والإعلاميون؟” ولماذا “الجندي”؟ هذا الرجل الإعلامي المتميز والمناضل الوطني الشريف منذ نعومة فكره السياسي وقناعاته الحزبية وحتى اليوم .. وما هو الجرم الذي ارتكبه الرجل حتى يكون في طليعة المستهدفين إعلامياً وبالتصفية الجسدية بالطريقة نفسها “الموضة الجديدة”. الحقيقة أننا لو نظرنا وبصورة دقيقة إلى ضجة السوق الإعلامي للمعارضة بمختلف أشكاله وألوانه المقروءة والمرئية لوجدنا غيابه الفاضح عن روح المهنية وأمانة رسالة العمل ومجافاته للحقيقة مما أدى إلى تضليل الرأي العام. ومقارنةً بماهو عليه إعلام المعارضة والنشاط الإعلامي الرسمي والشخصي للأستاذ عبده الجندي ماهو ميزان الثواب والعقاب الذي تم الاستناد إليه والعمل به ليتقرر وفق شرعه ومنهاجه وقانون محكمته الحكم الصادر بتصفية “الجندي”؟. إنها الفضيحة الكبرى التي انفجرت همجيتها على بوابة أو قرب منزل نائب وزير الإعلام لتعلن وبكل غرور مدى ما وصل إليه المنطق الفوضوي من عبث انقلابي خطير على كل القيم والثوابت والمبادئ ليصل مداه إلى حرية الكلمة والرأي الصادق والحقيقة التي ظلت مشرقة بنورها وصامدة في وجه الزيف والأباطيل المضللة للأمة.. بهدف سفك دماء صوتها وإسكاتها عن القول الإعلامي الشفاف الذي تحمي مصداقيته قوانين حرية الكلمة واحترام الإعلام والإعلاميين في إطار المهنية ورسالتها الإنسانية السامية.. وأقول: إنها الفضيحة في حق مرتكبي هذا العمل لأنه أفصح عن مكنون ماتنطوي عليه نفوسهم المريضة من فكر وسلوك بعيد كل البعد عن السلمية ولغة السلم والحوار والنهج الديمقراطي والتنكر للذات وتغليب مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار. فهل بتصفية الجندي سوف ينطفئ ضوء الحق والحقيقة والكلمة الإعلامية الوطنية المخلصة؟ ومتى كان الوطن يختزل في أشخاص؟ ثم وهذا هو الأهم: أليس الإعلام هو من يلعب الدور الكبير في تزييف الحقائق وتضليل الشعوب؟ وهو طريق يسلكه فقط الخارجون عن إطار المهنية الإعلامية الحقة وجعلوا من إعلاميتهم مهنة للارتزاق على حساب شرف المهنة وضميرها الحي.. إذا كان الإعلام كذلك وهو كذلك في حضور جزء منه كما نقرأوه ونسمعه ونشاهده فلماذا نغض الطرف عن هكذا إعلام وإعلاميين وتقوم قيامة غرورنا ضد المشهد الإعلامي الآخر المليء بالنقاء والصدق وبالإعلاميين المحافظين على شرف المهنة والمهنية وعلى أداء رسالتهم الإعلامية الشريفة المليئة بمنطق العقل وعاطفة الضمير الحي وبالإصرار الجاد والشجاع على خدمة الوطن والصالح العام للمواطنين؟ إن شعبنا اليمني على وعي وطني عالٍ ولديه القدرة الكبيرة على الفهم والاستيعاب والتحليل وعلى تكوين قناعاته الوطنية التي وقفت ومازالت تقف في وجه الأباطيل التي لا تغني ولا تسمن من جوع. من أجل هذا فإننا وفي هذه الخواتم المباركة نكرر دعوتنا للسلطة وللمعارضة بالرجوع إلى جادة الصواب من خلال الجلوس على مائدة حوار جاد وصادق وعلى كل الخارجين عن النظام والقانون بأعمالهم الإرهابية والتخريبية أن يعلموا علم اليقين أن اليمن وشعبه أكبر من كل تحدياتهم وليس أمامهم سوى العودة إلى حضن الوطن حتى لا يرتسموا على صفحات التاريخ وصمة عار في تاريخ وطننا المعاصر.. قال تعالى: “فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” وألف سلامات يا أستاذ.. وخواتم مباركة على الجميع والوطن أمانة في أعناق الجميع.