كانت قضية فلسطينالمحتلة همّ العرب الأوحد شعوباً وأنظمة طوال عقود خلت ولم يكن هناك ما يشغلهم عنها أو يقلل من اهتمامهم بها ومشاركة أبنائها معاناتهم ومأساتهم المؤلمة التي هي معاناة ومأساة كل إنسان عربي حر من المحيط إلى الخليج.. لأن العرب داخل فلسطين وخارجها ومن ورائهم المسلمون كانوا مؤمنين ان اغتصاب فلسطين وبقاءها في قبضة بني صهيون لعنة عليهم ووصمة عار في جبين الأمة العربية والإسلامية ومنكر يجب عليهم تغييره وإزالة هذا الرجس من التراب العربي الطاهر أما اليوم فلم تعد فلسطين المغتصبة بمساجدها وكنائسها وتاريخها مسرى الرسول الأعظم ومهد المسيح ومهبط الأديان السماوية أولى القبلتين وثالث الحرمين، وما يعانيه أبناؤها العرب أصحاب الحق الأزلي من قمع وتعسف وقتل وتشريد وسجن وحصار وتجويع وامتهان لمقدساتهم وإنسانيتهم على يد العصابات الصهيونية قضية العرب الأولى لاعلى مستوى الأنظمة الحاكمة ولاعلى مستوى الشعوب المحكومة.. الجميع تخلوا عن قضيتهم الأولى وأسقطوها من ذاكرتهم حتى الأحزاب القومية والجماعات الإسلامية بمختلف مذاهبها بما فيها التنظيمات الجهادية، وكأنهم قد يئسوا من رحمة الله وسلموا أن بقاء إسرائيل قدر إلهي لا حيلة لهم فيه وشغلوا أنفسهم بأنفسهم. فالأنظمة مشغولة بكراسيها والتآمر على بعضها البعض والشعوب مشغولة بإسقاط أنظمتها، والأحزاب السياسية القومية والإسلامية تخلت عن قوميتها وباعت إسلامها بأبخس الاثمان، ورأوا أن المصالح الحزبية والشخصية أهم من القومية وقبل الإسلام.. أما من يسمون أنفسهم بالمجاهدين وحاملي لواء الإسلام فقد فضلوا مجاهدة إخوانهم المسلمين وإعلان الحرب على أوطانهم، فقتل أمرء مسلم أعظم أجراً عند الله من قتل عدو كافر محتل فالأقربون أولى أن يقتلوا ولقتل مسلم قريب أفضل ألف مرة من قتل يهودي بعيد، بحسب تعاليم الدين الجديد الذي جاء به الزنداني والقرضاوي وغيرهما.. أما أصحاب الشأن من عرب فلسطين فقد شغلتهم أهواؤهم ومطامعهم عن قضيتهم وتحولوا من مقارعة إسرائيل إلى مقارعة أنفسهم، فصائل شتى تتقاتل وتتصارع وتتآمر وتنجز ما عجزت إسرائيل عن إنجازه.. أرض محتلة وشعب واحد مشتت وحكومتان تتصارعان على دولة غير موجودة. والمضحك المبكي في الحال العربي أن نسمع الحديث عن توجه الفلسطينيين والعرب إلى الأممالمتحدة للمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المقامة على حدود 67م وإن تحقق لهم وغاب الفيتو الأمريكي الفرنسي البريطاني فدولة فلسطين ستكون هي الدولة الوحيد في العالم التي انقسمت وتشطرت قبل ان توجد بسنوات، وهذا هو الإبداع العربي، ولست أدري هل المشروع العربي الذي سيقدم للأمم المتحدة يتضمن مقترحاً لترسيم الحدود بين دولة فلسطين فتح ودولة فلسطين حماس إلى جانب دولة إسرائيل؟ وهل سيمتلك العرب والمسلمون شجاعة بالاعتراف بدولة فلسطين كما هو الحال مع دول أمريكاالجنوبية؟! أم أن اعترافهم بدولة فلسطين سيكون مقروناً باعترافهم بدولة إسرائيل وكفى العرب إسرائيل شر القتال؟ ختاماً: أقامت أوروبا وأمريكا ومن ورائهما العرب الدنيا ولم تقعدها على رأس القذافي ومن بعده بشار الأسد بحجة حماية المدنيين!! ولكنهم لم يتجرأوا بنطق كلمة واحدة تطالب بحماية المدنيين داخل فلسطين وفي جنوبلبنان من آلة القمع الصهيونية ولم نسمع أن دولة أوروبية جمدت أرصدة مجرم حرب صهيوني واحد على جرائمه التي ارتكبها في حق الأطفال والنساء داخل فلسطين العربية؟ كما أن آلاف الفلسطينيين أطفالاً ورجالاً وشيوخاً ونساء يقبعون داخل السجون الإسرائيلية بغير وجه حق ودون محاكمات تذكر، فأين هو الصليب الأحمر الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والأممالمتحدة والناشطون العرب والأجانب ؟؟ ولماذا لا تتبنى الأممالمتحدة وفرنسا وغيرها من الدول المطالبة بالافراج عن آلاف المعتقلين العراقيين في السجون الأمريكية منذ الاحتلال ؟. مجر أسئلة فقط .