بعدَ إهدارِ هذا الكمِّ الهائل من الفرص لحل الأزمة التي تعصف بالبلد ودخلت شهرها الثامن، هل ستقتنص المعارضة الفرصة الذهبية الأخيرة بعد تفويض الرئيس لنائبه بإجراء حوار معها للتوصل إلى آلية تنفيذية للمبادرة الخليجية وضمان إخراج البلد من هذه الأزمة ؟ أم أنها سترضخ للجناح المتشدد الذي لا يريد لليمن الخير بل يعمد إلى تكريس ثقافة الثأر والانتقام بعد أن أصبح أداة بيد قوى التخريب الدولية العاملة على تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد من حيث يعلم ولا يعلم ذلك الجناح .. أعتقدُ أن اليمنَ لم تعدْ تحتملُ المزيدَ من الجراح التي أثخنها بها أبناؤها العاقون الذين أتوا على الأخضر واليابس بعد أن كانت قد بدأت تتنفس الصعداء وتشهد البنية الأساسية تطوراً ملحوظاً رغم ما يعتري ذلك من فساد طالما طالبنا وطالب الكثيرون باجتثاثه .. هم يعلمون أن هذهِ الأزمةَ الخبيثةَ قد أهدرت مليارات الدولارات وأوقفت التنمية وتسببّت في شرخٍ عميقٍ بين أبناء المجتمع الواحد نتيجة الخطاب التعبوي التدميري لبعض قوى التطرف وممارساتها الطائشة واللامسؤولة وحالة الاحتقان التي لا تزال مستمرة، فهل وصلوا إلى قناعة بأن البلد اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى لمن يلملمُ جراحَه ويجمعُ شتاته ويحافظُ على مكتسباته وأن ما جرى من تدمير قيمي ومعرفي ومادي ومعنوي يكفي لإرضاء نزواتهم؟ أم أنهم سيرضخون لقوى الشر التي جرجرتهم إلى ما نحن عليه اليوم بسبب طموحاتهم وأفكارهم المريضة ؟ نتمنى أن يخجل الأفاكون قليلاً، فحبلُ الكذب قصير في ظل التطور التكنولوجي الهائل مهما حاولوا استغلاله بصورة سلبية وعكسية، ونتمنى أيضاً أن يتذكر الكثيرون ممن يلعبون على الحبلين ماضيَهم الأسودَ في الفساد والنفاق الممجوج والتدليس على الآخرين، ونتمنى أيضاً أن نستفيد جميعاً من هذه الأزمة لتصحيح مسار مستقبلنا والنهوض بوطننا، هذا إذا كنّا نؤمن بالعيش المشترك وبالديمقراطية كخيار للتبادل السلمي للسلطة، ما لم فعلى الدنيا السلام وعلينا أن نتذكر أن الأجيال القادمة ستضعنا في قوائمها السوداء لأننا لم نورِّث لها سوى الدمار والبغضاء والشحناء، وستظل ألسنتهم تلعن من تسبب لهم في الكوارث، كما يجري في بلدان شقيقة نعلم جميعاً ما حلَّ ويحلُّ بها ومآسيها أمام العين .. كفى تدميراً لليمن التي هي نحنُ ولا مكانَ لنا غيرها يا من أتخمتم من نعيمها واليوم تسومونها وشعبَها سوءَ العذاب .. [email protected]