إن التفكير الأناني وغير الإنساني يخلق التأزم ويعكر صفوة الحياة،وقد أثبتت تجارب الحياة عبر المراحل المختلفة أن الإنسان اجتماعي بطبعه يرغب في التعاون والتعايش مع بني جنسه، وهذا يعني الميل الفطري إلى التفكير السليم الذي يبني الحياة ويعزز التواصل الإنساني، ولذلك نشأت المجتمعات البدائية على فكرة التعايش والتعاون وتطورت الحياة وقامت المدن العمرانية وازدهرت التجارة في تبادل المنافع والسلع ونشأت الدول والحضارات الإنسانية التي خلفت آثاراً مازالت باقية حتى اليوم. إن سيطرة بعض الأفكار الظلامية والجاهلية التي ترفض الآخر كانت سبب الحروب والصراعات القديمة،وقد أحدثت تناحراً وتخلفاً عانى منه المجتمع القبلي الجاهلي في الوطن العربي، وبالرغم من ذلك الجور والحيف الذي عانى منه العرب عبر العصور المختلفة،إلا أن فطرة الإنسان التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها قد قادته إلى التفكير السليم الذي يحقن الدماء ويصون الأعراض ويحقق الخير العام والتعايش،وكانت في نهاية المطاف الغلبة لصوت الخير وزوال الشر ونماء الحياة. إن محاولة أية فئة اجتماعية أو طائفية فرض فكرها على الآخرين لم يكتب لها النجاح على الإطلاق ولم تحقق القبول والرضا،وإنما خلقت التأزم والاقتتال، ولذلك ينبغي علينا ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين أن نعي تجارب التاريخ وعظاته ونستفيد من كل ذلك،وأن يدرك الجميع بأن الحياة الآمنة والمستقرة لا تتم إلا في حالة القبول بالتعايش مع الأخير واحترامه. إن الأزمة السياسية في اليمن قد بينت أن بعض القوى السياسية تتصف بالجاهلية والظلامية ولديها رغبة همجية تحاول القضاء على غيرها ليبقى لها الجو،دون أن تدرك بأن ذلك من المستحيلات وأن احترام الآخر والقبول به أمر لازم في الحياة، وأن التعايش من جوهر الإسلام عقيدة وشريعة،ولذلك نأمل أن يعود العقل إلى تلك القوى لتبدأ الحياة بالتسامح والتعايش بإذن الله.