إن الأحداث التي انتقلت إلى تعز لتجعل منها حلبة الصراع وساحة مفتوحة لتصفية الحسابات والأوراق الشخصية والحزبية والقبلية، توحي بما لا يدع مجالاً للشك والريبة أن الفرقاء في الساحة أصيبوا بانسداد في الفهم وتبلد في الضمير والإحساس. لا ينبغي بأي حال من الأحوال الاستسلام للوضع الراهن والاعتقاد بأن العنف هو الأوحد للوصول إلى المطلوب وتحقيق الأهداف سواء أكان ذلك من قبل السلطة أم من قبل المعارضة، لأن الوصول إلى الحكم أو المحافظة عليه لا يتم عن طريق العنف وفرض الأمر الواقع، بل عن طريق الناخب اليمني الذي إزداد وعيه بالمسئولية الوطنية وأهمية صوته بشكل لا يترك لأحد الفرصة للتلاعب به أو التقليل من قيمته. الأوضاع المزرية والظروف التي لا نحسد عليها لا يمكن أن تكون موضع اهتمام السلطة والمعارضة إذا لم نصرخ ونغضب في وجوههم جميعاً، هم من أوصلونا إلى هذه اللحظة وعليهم أن يرحلوا جميعاً من حياتنا السياسية والعسكرية والقبلية. فرقاء السياسة والسلاح والقبيلة أجرموا في حق اليمن الأرض والإنسان، لم يكتفوا بها. نهبوه وأفسدوه وضربوه كأنهم أخذوا على أنفسهم عهداً ألا يتركوا للإنسان اليمني نافذة للضوء أو طريقاً للسلامة والحياة الكريمة. نصف قرن من الكد والتعب من ثورة إلى ثورة من مرحلة إلى مرحلة، ومن صراع إلى صراع، كلما قلنا الحالة انفرجت والغمة انقشعت إذا بها تتبدى في لون وشكل ومخالب وأنياب أخرى أكثر دموية وأشد إيلاماً. أمامكم جميعاً «سلطة ومعارضة» الفرصة الوحيدة والأخيرة، لأن صبرنا وتحملنا طاقته محدودة وقد بدأ ينفد، الواقع لا يرحم والتاريخ لا يرحم، أرواح اليمنيين التي ازهقت بدأت تتحول إلى عاصفة خارقة ستقتلع الجميع. التغيير وارد لا محالة ، ثورة التفكير أخذت تعيد بناء الوعي الوطني بصورة ستتجاوز الجميع الأشخاص والأحزاب والقبائل والمناطق والتجمعات، وستتولد ثورات عدة أولها تجاوز مربع الخوف وآخرها خلق اليمن الجديد، رهانات القوة والنفوذ والبطش والمشيخة والبندقية والقبيلة سقطت، اليمن المدني الديمقراطي الجديد، رهاننا الأوحد. [email protected]