لقد برهن اليمنيون أن عاقبة الصبر والاتقاء خير بإذن الله, لأن الأزمة السياسية التي افتعلتها بعض القيادات السياسية داخل تكتل لقاء المشترك بهدف الانتقام من الشعب قد أفرزت قدرة الرجال الأوفياء على الثبات وعدم الانجرار خلف التصعيد الذي حدث على مدى أكثر من عشرة أشهر مضت, وبرهن اليمنيون الذين حافظوا على الشرعية الدستورية, وضربوا أروع الأمثلة في الصبر على الشدائد وعدم التفريط في أمن واستقرار ووحدة الوطن والحفاظ على الإسلام عقيدة وشريعة, رغم الأفعال الإجرامية والإرهابية التي أحدثها أعداء الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والوحدة. إن السلوك الحضاري الذي انتهجه السواد الغالب والأعظم من أبناء الشعب في سبيل الحفاظ على الشرعية الدستورية والتجربة الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة, قد أكسب اليمن احترام العالم الذي أدرك أن اليمنيين أصحاب حضارة إنسانية وصناع تاريخ عريق مليء بالأمجاد الإنسانية التي خلدت ذكر اليمن في أنصع صفحات التاريخ الإنساني, بل لقد برهن السواد الأعظم من أبناء الشعب الذين اتصفوا بالصبر والاتقاء على قوة إيمانهم بالله رب العالمين وشدة عزمهم ورباطة جأشهم وعظيم ثباتهم على الحق أمام قوى الشر والعدوان. لقد قدم اليمنيون برهاناً عملياً أن وحدتهم وأمنهم واستقرارهم عامل أمن واستقرار للمنطقة العربية والعالم بأسره, الأمر الذي أدركه العالم بما فيهم من أصدقاء وأشقاء جعلهم يحسون بخطورة عدم الاستقرار في اليمن, وخطورة التشظي والانقسام, وبخطورة الإرهاب الذي ينمو ويتزايد في ظل الافتراق والاختلاف, ولعل إدراك هذه الحقيقة قد دفع بالأشقاء قبل الأصدقاء إلى بذل المزيد من الجهد والصبر في سبيل مساعدة اليمنيين على الوصول إلى الحل الذي يحفظ لليمن أمنها واستقرارها ووحدتها, ويحفظ لليمنيين تجربتهم السياسية والتعددية الحزبية, وبما يضمن احترام الشرعية الدستورية التي دافع عنها السواد الأعظم والأغلب من الشعب. إن المستوى الحضاري والإنساني الذي ظهر به اليمنيون في الأزمة الطاحنة التي اجتاحت الوطن العربي, وحاولت تمزيق أجزائه وأوصاله قد حقق قدراً كبيراً من الحكمة والإيمان الذي بموجبه استحق اليمنيون وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم أهل إيمان وحكمة وصبر, ولذلك فإن على العقلاء والشرفاء والحكماء أن يواصلوا المسيرة من أجل إخراج اليمن من هذه الأزمة بسلام بإذن الله.