لاشي في الحياة يخلو من لمسة جمال أو بصمة أناقة البحر مثلاً له جاذبيته وجماله حين يكون هادئاً أو ثائراً ..جميل حين يسكن وجميل حين يثور، الحيوانات ذات الفراء المقلم والمنقط والمتموج جميلة حين تكون أليفة أو حتى وهي غرقى بالوحشية! عيون القطط، جلد الأفاعى قرن الفيل، كتاب الأزهار التي لونها الفرح، أعشاب الحقول وجه الإنسان وتقاسيم جسده الرائع صحارى من الرمل سحب من بخار الماء حبات من البرد “بفتح الباء والراء” تلقيها السماء هدايا وهي تمنحنا المطر كل شيء جميل، للجمال معنى مادي يتمثل في قوالب الأشياء من حولنا سواء كانت طبيعة صامتة أم كائنات حية غير عاقلة أم الإنسان كحيوان عاقل هذه القوالب الجمالية لها خاماتها المختلفة والمتنوعة والمدهشة حتى على مستوى القالب الواحد ولو تأملنا الإنسان كأعجب وأغرب وأعقد مخلوق لوجدنا أنه مخلوق من خامة الطين التي تتلون وتتشكل وفق حاجة الجسد في كل زاوية من زواياه فكيف يمكن أن نتخيل نوع ولون ودرجة حرارة الطين الذي خلقت منه أعين البشر وكذلك أسنانهم وشفاهم وأظافرهم؟! أي نوع من الطين شكل قلوبهم وجماجمهم وأعضاءهم الداخلية وهيكلهم العظمي تأملوا تلك الزيادة أو النقص في عناصر الطين التي يمكن ان ينتج عنها هذا التفاوت في شكل وملمس ولون أجزاء كثيرة من جسد الإنسان بالرغم من أن المادة الخام هي واحدة ما الذي شكل فراء الحيوانات وجلودها الملونة وتقاسيم بعضها الناعمة أو المتوحشة؟! من أي زيادة في مادتها الخام ظهر ذلك الغطاء الكثيف من الوبر والصوف أو الحراشف أو الجلد المصقول بمنتهى الإنسيابية، الازهار والورود والاعشاب البرية ذات الأشواك والنتوءات والروائح الجميلة والغريبة معاً لها قالبها الذي تلعب فيه الألوان الدور الأكبر وتليها الرائحة التي تميز هذه النباتات باعتبارها لغة روح مستقلة عن باقي لغات الطبيعة من حولنا وكلنا يعرف كيف يمكن أن تتهيج مشاعر البهجة في داخله حين يهدينا احد ما زهرة أو وردة جميلة الاشجار والثمار لها قالبها أيضاً فلكل ثمرة لون ومذاق وشكل يميزها عن غيرها من الثمار حتى وإن كانت من نفس النوع، التفاحة الخضراء مثلاً تختلف لوناً ومذاقاً عن التفاحة الحمراء، حبات العنب المتراكبة في ثريات مضيئة بالفائدة والفيتامينات تختلف في مذاقها ما بين سوداء أو حمراء أو خضراء، الباباي، الفراولة، الكرز.... الثمر لكل فاكهة لون ومذاق وشكل يثير حاسة الاشتهاء الذكية التي تزودنا بحاجتنا القصوى من الغذاء والفيتامينات منازلنا شوارعنا مدننا أوطاننا.... كرتنا الأرضية كل له قالب جميل وهذا بمجمله منظور مادي ملموس تراه أعيننا وتلمسه أيدينا لكن الأهم من ذلك هو الإحساس بكل هذا الجمال من حولنا عن طريق تلك الترجمة الفورية العجيبة التي يقدمها الدماغ مباشرة حال وقوع الحدث، حدث الرؤية التي هي من أعظم النعم التي منّ الله بها على الإنسان، تلك الترجمة الفورية هي من تنقل لنا الإحساس بالجمال فتكتمل أسطورة اللون والطعم والإحساس بالمذاق في تناول الفواكه مثلاً، وتنبعث البهجة لتؤطر اللون والرائحة في حال رؤية الأزهار والورود كمثال آخر، وتسري في عروقنا مشاعر الإعجاب والحب حين تتحد أعيننا مع من نحب وتتحرك أحداقنا بذوبان آسر داخل أحداق ساخنة وكأنها فناجين كاهنةٍ تصوّر اعتى أمواج البحر في داخل فنجانها البللوري الرقيق.. الجمال إحساس قبل أن يكون قوالب وأشكالاً، هو تفاعل قوي بين المادة والمعنى، عالم المحسوس والملموس، امتزاج النكهة واللون والصورة، تزاوج بين الرغبة العائمة في زحمة مفردات لانهائية ومشاعر تكتظ بسيل جارف من المعاني كل شيء جميل إذا شعرنا به فقط، وتأملنا تفاصيله، وكان لدينا برمجة صحيحة لمعانيه ولولا ذلك لتحول كل ماحولنا إلى جماد لكن ألا ترون أن الجماد جميل.. تأملوا في قطعة من الصخر اصقلوها برشة ماء ثم تأملوا ستجدون الكثير في قطعة من الصخر جامدة.