بعد مضي عشرة أشهر على بدء الأزمة العصيبة التي يشهدها وطننا اليمني وما نتج عنها من تداعيات مؤسفة وخطيرة أصبح من الضرورة والأهمية بمكان الاستماع لصوت العقل والاستجابة لأمر الله تعالى الذي أمرنا باتباع صراطه المستقيم وعدم اتباع الأهواء، حيث قال في محكم كتابه الكريم: «وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوني ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله». لقد أثرت الأزمة على الحياة العامة السياسية والاقتصادية والتعليمية والأمنية والسلم الاجتماعي، وأصبح عامة الشعب اليمني يعانون الأمرين وتزداد معاناتهم مع كل يوم جديد يمر دون التوصل إلى اتفاق وطني بين كافة لأطراف لإنهاء الأزمة والدخول في عملية سياسية تؤسس للانتقال السلمي والآمن إلى مرحلة تاريخية جديدة خالية من مخلفات الماضي وتعقيداته.. مرحلة جديدة يتحقق فيها التغيير المنشود لليمن واليمنيين في بناء الدولة المدنية الحديثة واليمن الحضاري الجديد.. يمن خالٍ من الفساد والمفسدين ومراكز النفوذ والعقليات التي ما زالت تعيش في العصور الوسطى.. يمن يتحقق فيه العدل والمساواة لجميع اليمنيين دون استثناء ويكون الدستور والقانون فوق الجميع الرئيس والمرؤوس والوزير والغفير والشيخ والراعي والفقير والغني والعامل ورب العمل. عشرة أشهر مضت وجرح الوطن ينزف بغزارة.. أرواح بريئة تزهق ودماء زكية تسفك ومصالح عامة تعطلت ومنشآت حيوية دمرت وتنمية شاملة توقفت وميزانية الدولة أنهكت وصبر الناس يكاد ينفد؛ لأن الصبر له حدود فقد طفح الكيل وأصبحت الأوضاع المأساوية التي يعيشونها تفوق طاقاتهم وتتجاوز قدراتهم وتحملهم، ولذلك فإنه يتوجب على العقلاء والحكماء وكل الشرفاء من أبناء هذا الوطن من سياسيين وبرلمانيين وعلماء ومشائخ ووجهاء وشخصيات اجتماعية ومفكرين ومثقفين وأدباء وكتاب وإعلاميين وصحفيين وقيادات عسكرية وأمنية وحزبية ومنظمات مجتمع مدني أن يتحملوا مسؤولياتهم الدينية والوطنية والتاريخية تجاه الأزمة التي يشهدها الوطن والتي إذا استمرت فإنها لا سمح الله ستقود اليمن واليمنيين إلى نفق مظلم وفتنة لا تحمد عقباها، ولذلك فإنه يتوجب على الجميع وضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل المصالح الحزبية والشخصية وذلك من خلال تضافر كل الجهود لوقف الأعمال التصعيدية والتداعيات المؤسفة واحتوائها والضغط باتجاه إقناع أطراف الأزمة بضرورة إعمال الحكمة والاستجابة لصوت العقل والمنطق امتثالاً لقوله تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون». حيث إن كل المعطيات والأحداث والوقائع التي شهدها الوطن منذ بدء الأزمة في شهر فبراير مطلع العام الجاري وحتى اليوم تقول إن الحل الأمثل والناجع يكمن في إنجاز اتفاق وطني ووفاق سياسي برعاية الجامعة العربية والأمم المتحدة لضمان تحقيقه على قاعدة المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة في اليمن رقم (2014). من أجل اليمن والحفاظ على وحدته ومن أجل تحقيق التغيير المنشود الذي نطمح إليه جميعاً ومن أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي ومن أجل حياة كريمة ومستقبل أفضل لجيل الحاضر والأجيال القادمة ندعو الإخوة قيادات الأحزاب اللقاء المشترك وحلفاءهم العودة إلى جادة الصواب والقبول بتحقيق الوفاق الوطني للخروج من هذه الأزمة الطاحنة التي مسّ ضررها كل أبناء اليمن وعليهم تحكيم العقل والجنوح للسلم امتثالاً لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين» صدق الله العظيم.