للدُمى كألعاب ناطقة بألوان السلوك الإيجابي تأثير كبير على مستوى الفهم والاستيعاب لدى أطفالنا، وقد تصنع دمية ما مالم تستطع صنعه عشرات الدروس التي تلقى على الأطفال وكأنها مجرد أحجار ترمى في قاع بئر عميقة! والفرق أن تلك الدروس تعطى بشكل نظري بينما نستطيع أن نغرس الكثير من القيم عملياً عن طريق دُمية تحولها المعلمات وقبلهن الأمهات إلى كتب علمية وعملية وسلوكية ناطقة، وأنا اشدد على تعزيز القيم الدينية السلوكية لأطفالنا عن طريق الدمى بأن تستخدم الأمهات دمية ما جميلة وبسيطة تجيد التصرف بأناقة ونظافة ونظام، وتتحدث بهدوء ولباقة طبعاً على لسان الأم مع إضافة بعض الفكاهة وشيء من الدعابة حتى تمتزج الفكرة التعليمية بالمرح ويستطيع الطفل استيعابها بسرعة وتطبيقها فعلاً وقولاً ببساطة وحب ورغبة في أداء هذا السلوك. لتكن تلك الدمية أداة فاعلة داخل المنزل ويمكن الاحتكام إليها في حال تمرد الطفل بدلاً من الاحتكام للعصا وتعزيز لغة العنف والقوة لدى الطفل، ستكون هذه الدمية طفلك الذي تودين بشغف أن يتعلم ويؤدي ويقدم سلوكه بشكل جيد، إذ إنه مع مرور الوقت ستكون هناك دمية بشرية جميلة هي طفلك، حيث سيكتسب فطرياً وتلقائياً جميع أنواع السلوك الحسنة التي غرستيها في داخله باجتهاد وجد كبيرين وأنت تؤدين دور ممثلة على مسرح العرائس تبتسم وتبكي عن طريق أصابعها فقط! أبقِ لهذه الدمية هيبتها لدى الطفل، إذ يجب أن يشعر أن جميع تصرفاتها صحيحة، وباختصار ستكون هذه الدمية عبارة عن قدوة جيدة لطفلك تناسب سنه وأحلامه الصغيرة وتساهم في تعزيز ثقته بك كونك تبدين بوضوح في مقام المرشد لجميع سلوكياته الموجبة حتى وإن كنت تختبئين خلف دُمية! علينا أن نطور من تلك الوسائل التعليمية التي تساعدنا في التنشئة السوية لأطفالنا، ولا أعتقد أنها صعبة إلى هذا الحد الذي نضطر معه لاستخدام جميع وسائل العقاب دون أن نلتفت ولو لمرة واحدة لاكتشاف طريقة تمنعه.. نعم علينا أن نجيد استخدام فن الثواب والعقاب، لكن من الضروري قبل ذلك أن نمنح الطفل فرصة حقيقية لمعرفة الصواب من الخطأ ودون أن نقحم متاعبنا وهمومنا في حجم ووقت العقاب حتى لا نقف أمام أطفالنا يوماً كمذنبين أو آباء وأمهات سيئين لم نستطع استخدام السلطة الأبوية بشكلها الصحيح ومكانها المناسب لها. ابحثوا دائماً عن فرص طبيعية لتعليم أطفالكم وتهذيبهم، وأقصد بهذه الفرص الطبيعية تلك الرحلات التي نقوم بها من وقت لآخر أو حتى سيرنا بمعيتهم على الرصيف، إذ لا تخلو الحياة حولنا من مشاهد جمالية رائعة في أبسط صورها قبل أعقدها، وكل هذه الصور من شأنها أن تغرس في نفس الطفل مقاييس جمالية وإنسانية كثيرة جداً.. ألا يمكن أن نجدها في المناهج الدراسية التي تعرض المادة العلمية والسلوكية في قالب جاف بنفس الوسائل الإيضاحية تقريباً بينما نحتاج بقوة للتركيز على الأنماط السلوكية وفق وسائل إيضاحية طبيعية ومنها تلك الدمى التي تحدثنا عنها والمساهمة في إنجاح دورها التربوي ببعض الإضافات البسيطة التي تدخل الطفل في جو من المرح. ولقد جربت بعض الأمهات طريقة الدمى في تهذيب سلوك الأطفال وإيصال المعلومات إليهم بسهولة، فكان من محاسن هذه الطريقة أنها أطلقت العنان أمام مواهب الأطفال وفتحت بين أيديهم أبواب الإبداع عن طريق الإيحاء وحث الخيال على التصور.. إنه الأسلوب الأمثل الذي يظهر مدى قدرتنا على استيعاب الطفل وقدرته أيضاً على التفاعل وفرز ردود الأفعال وأنماط السلوك المختلفة بتوازن تام مع عقله ومحيطه.