كلما مرَّ أسبوعٌ من هذه الأزمة المؤلمة، والجميعُ يترقّبُ أن يكون أفضلَ من سابقيه في إطفاءِ التباينات والخلافات بين شريكي الحكم واتخاذ خطوات عملية تسهم في إزالة جميع أسباب التوتر السياسي والأمني من خلال تطبيق بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والاتجاه نحو التهدئة الشاملة لإعادة روح الوفاق إلى جسد هذا الوطن وإخراجه من كواليس وسراديب النفق المظلم الذي جثم على صدورنا طيلة أحد عشر شهراً مضت. إلاّ أن الأيام تُبيّنُ لنا أن هناك بعضَ القوى المتواجدة على الساحة وكذلك بعض الأقلام ومع كل أسف لاتزال تغرّد في ديدنها السابق؛ وكأنَّ قياداتها لم توقّع على المبادرة الخليجية ولم تقبل بذلك إلاّ من باب الاستجابة للضغوط الإقليمية والدولية وليس من أجل إخراج البلد من هذه الورطة بالذات، وأن توازي القوى قد أثبت أنَّه ليس بإمكان أي طرف إقصاء الطرف الآخر بالطريقة التي كان يخيّل للبعض انه سيصل إلى مبتغاه من خلال انتهاجها. هذا التصعيدُ المستمرُ أوصل البعضَ إلى قناعةٍ مفادُها أن هناكَ انقساماً حاداً في صفوف تلك الأحزاب المعروفة بقوة تنظيماتها إلى حمائم وصقور، بينما البعض يرى أن ذلك ليس سوى تكتيك للضغط حتى تحقيق أعلى نسبة من المطالب والأهداف تمهيداً للمرحلة القادمة؛ كون ذلك سيُفسحُ المجال أمامها لحصد أكبر قدر من المقاعد البرلمانية والمحلية، في حين يذهب آخرون إلى أن من لا يريدون للعملية السياسية الاستمرار حتى النهاية ويضعون العراقيل أمامها مرتبطون بقوى خارجية تريد تكرار تجربة ليبيا على الساحة اليمنية سواء بغرض تصفية حسابات قديمة أم تنفيذ لأجندة ومخططات خارجية. وبما أن جميع تلك التحليلات قد تكون واقعية ولو بدرجات متفاوتة، إلاّ أننا نذكّر جميع المعنيين باللعبة السياسية أن اليمن بحاجة ماسة الآن لمن يضمّدُ الجراح ويترفع عن الحسابات الضيقة، ويعمل على لمِّ الشمل، والتأسيس لمرحلة قادمة من التنافس البنّاء حتى تظل الحكمة يمانية؛ لا أن نجعل بلدنا حقلاً لتجارب المهووسين بنوازع الانتقام. حكومة السبت لم أجد ومثلي الكثيرون مبرراً لحكومة الوفاق الوطني في قرارها الأخير باستبدال الراحة الأسبوعية من الخميس إلى السبت؛ كون جميع البنوك تعمل يوم الخميس، وما أظن ذلك القرار إلا من باب خلق قضية رأي عام تعرف الناس عن الحديث حول إنجازات الحكومة التي تلامس همومهم ومعيشتهم، لاسيّما أن الوضع لايزال على حاله فيما يتعلق بقضايا رئيسية تهم الجميع؛ بالذات إعادة التيار الكهربائي، وإنهاء أزمة المياه والمشتقات النفطية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية. حيث كان المؤمل من الحكومة الابتعاد عن مكايدات بعض القوى واتخاذ خطوات إصلاحية جريئة تخفف من وطأة الأعباء التي تجرّعها المواطنون على مدى الأحد عشر شهراً الماضية؛ لا أن يكون تغيير الراحة الأسبوعية من الخميس إلى السبت هو شغلها الشاغل وكأنه لم يتبق أمامنا سوى هذه الكماليات، وحتى لا ينطبق عليها المثل الشائع «تمخض الجبل فولد فأراً»!!. [email protected]