نختتم سلسلة اليوميات الخاصة بلوحة الملكة أروى للفنان محمد لحسون والمعروضة في متحف مدينة «شيفلد» البريطانية بالإشارة إلى أن الثقافة العالمة كانت سمة رئيسية لعهدها الميمون، وقد حاول الفنان استسبار أبعاد هذه الملكة من خلال الإشارات والرموز التي تشير إلى عهدها، كما سجلت هذه المحاولة تذكيراً بعهد تخطّى زمن البؤس والانحدار. استعادة الأمجاد ليست مجرد إحياء لما كان، بل إن هذه الروح الإحيائية تنطوي على مفردات مستقبلية، فما شهده اليمن في عهد الدولة الصليحية الرشيدة يمثل منطلقاً جديداً لتلافي السلبيات والعيوب، ونستطيع في عجالة عاجلة استنتاج ما يحتاجه اليمن تأسياً بعهد الملكة أروى على النحو التالي: • نحن بحاجة ماسة إلى دولة عصرية لا مركزية تذكرنا بمخاليف الدولة الصليحية. • نحن بحاجة ماسة إلى انفتاح فكري يقف على عبقرية الحضارات والأديان والرؤى.. فما قاله سقراط قبل آلاف السنين يسري في زمن الحقيقة إلى يومنا هذا، وما يراه المختلفون عنا ومعنا يمثل محطة استلهام مؤكد. فمن لا يرى الآخر لا يستطيع رؤية نفسه.. ومن لا يرى «الجمع في عين الفرق» يتوه في سراديب البؤس والجهالة. • نحن بحاجة ماسة إلى تملُّك فن الخلاف والاختلاف الذي يحيل هذه التناقضات البديهية إلى أسباب للحياة ، فلا أحد بوسعه احتكار الحقيقة، ولهذا جسّدت السيدة أروى بنت أحمد هذه المآثر في سلوكها وأقوالها ومنطق إدارتها للحكم. • نحن بحاجة ماسة إلى التنمية المقرونة بالمبادرات الخلاقة لأقاليم الدولة. ما يعني بكل بساطة توسيع ملعب المشاركة، وتجسيد معنى المواطنة. وتحقيق الازدهار على أساس إعادة إنتاج القيم المادية والروحية بطريقة خلاقة. وأخيراً وليس آخر، نحن بحاجة إلى استشراف أبعاد الدولة الاتحادية اللامركزية الكفيلة بتحويل كل المثالب والعيوب إلى مكاسب وتحليق في المستقبل . ذلك ما أثبتته أروى بنت أحمد ودولتها الراشدة، وما نحن بحاجة ماسة إليه اليوم . [email protected]