بين المستقبل المنشود والماضي الأليم لحظة تاريخية فاصلة تفك وتربط في عملية واحدة , بحيث يذهب الماضي بكل سلبياته ويأتي المستقبل بالتغيير والبناء وأحلام البسطاء , في هذه اللحظة الحاسمة تعلن الحرية انتصارها على الاستبداد , وتسجل العدالة انتصارها على الظلم , هذه اللحظة التاريخية محطة تحول لا تتكرر كثيرا في تاريخ الشعوب والأمم , وها هو اليمن الحبيب على موعد ليعانق لحظة تاريخية ناضل من اجلها على مدى عقود من الزمن , وكان كلما اقترب منها سرقها بعض ممن هيأوا أنفسهم للاستحواذ على لحظة التغيير , وحولوا مسارها في اتجاهات أنتجت الماضي , وزادت فوق أحماله أثقالاً أخرى , لكن اللحظة القادمة لا سبيل الى سرقتها فالشعب اليوم بات هو الحارس وشباب اليمن الثائر بالمرصاد , وهذه الحماية لم تتوفر من قبل بهذا الحجم الطوفاني , استطاعت الثورة السلمية بتصميم , وإرادة انجاز ما كان يُعتقد انه مستحيل , وبالفعل كان التغيير في اليمن أمراً مستحيلاً إذا تم احتساب ما أعده النظام لمواجهة أي تغيير من شأنه ان يزيحه عن السلطة , فالنظام أحاط الكرسي بحصون وقلاع أيقن في ظل وجودها باستحالة حدوث أي تغيير , فهو قد جند نفسه وكل إمكانيات الدولة من اجل حراسة كرسي الحكم , وبناء تلك الحصون والقلاع , ويأتي على رأسها حصن الحماية الاجنبية , حصن الحرس الجمهوري والأمن المركزي وسيطرة المتنفذين على هاتين المؤسستين, حصن احتكار التجارة وفرض سيطرة كاملة عليها , حصن شبكة المصالح مع المتنفذين ومراكز القوى الاجتماعية , حصن التحالف مع عصابات التهريب وتجار الممنوعات ,حصن تيار علماء ولي الأمر , حصن تنظيم القاعدة , حصن المال الوطني المنهوب, يعني ان النظام لم يترك ثغرة يمكن ان يتسلل منها خصومه إلا وسدها أمامهم , وفي لحظة الشعور بالكمال والتمكن ترسخت لديه قناعة بإمكانية قلع العداد والسير في طريق التوريث وبمباركة من كل تلك الحصون والقلاع, ولذا لا غرابة ان يقول الارياني: ان التغيير في اليمن كان مستحيلاً لإدراكه لطبيعة تلك الحصون وما أعده النظام لحماية الحكم والاستمرار فيه. أمام ذلك كله يدرك كل ذي علم بالوضع اليمني عظمة الثورة الشعبية السلمية وقدرتها على تحطيم حصون الظلم حصناً بعد الآخر, وها هي الانتخابات القادمة ستفتح آفاق رحبة أمام اليمنيين, الانتخابات القادمة ليست كأي انتخابات انها حدث مفصلي له ما بعده ويمكن هنا الوقوف على أهم الأبعاد التي تحملها الانتخابات القادمة انتخابات 21 فبراير بدون صالح هذا الأمر الذي يعتبره الارياني معجزة أنجزها شباب الثورة السلمية وبهذه الانتخابات يكون شباب الثورة قد أسدلوا الستار على حقبة تاريخية ولت وأعلنوا رسمياً انتهاء عهد من الظلم وبصورة واضحة وقاطعة لا مكان فيها لمروغات النظام, وبذات الشرعية التى استخدمها في مواجهة مطلب الرحيل عن السلطة, الأمر الذي يعني ان هذه الانتخابات تعميد لنجاح الثورة الشعبية الانتخابات الرئاسية القادمة خطوة أساسية لاستعادة الاستقرار والمضي بعدها في عملية الإصلاح الشامل للأوضاع الراهنة, اذ لابد من حدث يفصل بصورة حاسمة العلاقة بالماضي, ويقطع دابر التفكير بإمكانية العودة الى الوراء, اذ لا يزال النظام يلعب مع حلفاء له على وتر الانقلاب والعودة للحكم ويمنيهم بأمنيات يسيل لها لعابهم , وبنجاح الانتخابات سيكتشف هؤلاء ان الأمر حسم ولا فائدة من استمرارهم في تقديم الخدمات التخريبية , وهذا الأمر سيؤدي إلى توقف أعمال التخريب والترويع وإقلاق السكينة العامة, ان إعادة الاستقرار تعني أموراً كثيرة, فالاستقرار يعد المدخل لإنهاء الأوضاع القائمة والانتقال الى مرحلة البناء والتغيير. وكسر لحالة الجمود وإيقاف للتدهور الذي تشهده البلاد, كما ان الاستقرار يعني إفساح المجال للشعب اليمني ليقرر بنفسه شكل نظام الحكم عبر الحوار الوطني الشامل ولا شك ان الدعم الدولي و الاقليمى لإعادة إنعاش الاقتصاد اليمن مرهون بإعادة الاستقرار للبلاد من خلال تنظيم الانتخابات ونجاحها. الانتخابات الرئاسية هي المدخل المناسب لإحداث التغيير المنشود في طريق استكمال أهداف الثورة الشعبية باعتبار ان هذه الانتخابات ذات طابع انتقالي وهو ما يعني انها معنية ببلورة المطالب الشعبية في إطار مشروع وطني شامل يلبي تطلعات المواطن اليمني البسيط وبذلك يمكن القول:ان المشاركة في الانتخابات القادمة تعني الإسهام في توفير الاستقرار , والمشاركة في إيقاف حالة التدهور ,والإسهام في وضع اللبنة الأولى في طريق التغيير نحو يمن المدنية والعدالة والمساواة , والحرية والقانون