تنطلق الإرادة البشريَّة من حريَّة مطلقة غير مشروطة. فالإنسان لا يستطيع أن يقرِّر ويحقِّق كل ما يريد. فهناك حدود يجدها في ذاته ويدرك ضرورة الخضوع لها. وهذه الحدود تعبِّر عمَّا في العمل الإنساني من بعد لاإرادي وغير اختياري. غير أنَّ الإنسان، ليتمكَّن من القيام بأعماله، لا بدَّ له من أن يقبل تلك الحدود بملء رضاه ويضطلع بها لتصير جزءاً من إرادته. بعد يوم شاق كنت عائدا من العمل إلى المنزل وكنت مضطراً حينها أن استقل وسيلة نقل جماعية (باص) لأن سيارتي كانت معطله وعند ركوبي الباص ومثل ما هو معهود ومعروف بدأ الركاب يتكلمون عن آخر المستجدات علي الساحة ويطرح كل راكب رأيه بالموضوع المطروح كان الموضوع المطروح للنقاش هو قيام بعض الناس باسم الحرية بالكلام عن الخالق جل وعلا وتشبيهه بالمخلوق في أسمائه وصفاته هذا الأمر الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وغيره هذا الموضوع أثار حفيظتي وعند وصولي إلى منزلي فتحت جهاز الكمبيوتر وبدأت أتصفح مواضيع كثيرة عن حدود الحرية الفكرية وضعت عددا من الأسئلة التي من الضروري أن أجد الإجابة عليها ومنها: ما تعريف حرية التعبير؟وهل تحده ضوابط وحدود؟وهل هناك فرق بين حرية المعتقد وحرية الرأي بالإسلام ؟ حرية الرأي و التعبير يمكن تعريفها بالحرية في التعبير عن الأفكار و الآراء عن طريق الكلام أو الكتابة أو عمل فني بدون رقابة أو قيود حكومية بشرط أن لا يمثل طريقة و مضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقا لقوانين و أعراف الدولة أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير ويصاحب حرية الرأي و التعبير على الأغلب بعض أنواع الحقوق و الحدود مثل حق حرية العبادة و حرية الصحافة و حرية التظاهرات السلمية. وحرية الرأي مسؤولية والتزام يعبر فيها الكاتب عن أفكاره وآرائه بهدف المصلحة العامة دون المساس أو التعدي على حرية الآخر ويوجد عدد كبير من النظريات حول الحريات عموما، بما في ذلك حرية التعبير، إنّما لا توجد أيّ نظرية تقول: إنّ حرية التعبير عن الأفكار والخواطر أو الأحاسيس والمشاعر أو الرؤى والتصوّرات مطلقة دون حدود ولا قيود ولا ضوابط، وأقصى ما يقترب من تلك الحالة المطلقة المتوهّمة -بمعنى استحالة تحقيقها على أرض الواقع- ما يربط بين حرية التعبير لدى طرف من الأطراف بحرية طرف آخر، وهذا ما اشتهر في عبارة “تنتهي حدود حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين”، ثم تتفاوت الرؤى من خلال “تفسير” هذه العبارة لتطبيق مقتضاها، فالمساس بحرية الآخرين عبر ممارسة حرية التعبير يشمل في نظر فريق المساسَ بالمعتقدات مثلا، وليس هذا ساريا في نظر فريق آخر، كما ظهر في الجدل المعروف حول “الإساءات” وبالتالي حول أولوية حرية التعبير في الغرب إزاء حرية المعتقدات الدينية وبالتحديد الإسلامية. إذا قلنا تبعا لذلك: إن فكر العلمانية السائدة في الغرب ينطلق لأسباب تاريخية من إعطاء الأولوية لحرية التعبير تجاه حرية المعتقد، فلا يعني هذا القول أنّها حرية مطلقة. من الأدلة المعروفة على ذلك: عندما تنطوي ممارسة حرية التعبير على المساس بكرامة إنسان آخر من خلال شتيمته مثلا، يمكن مقاضاة مَن مارسها على أنّه أساء استخدامها، بمعنى تجاوز “الحدود” التي تقيّدها، فهي في نهاية المطاف –كسواها من الحريات- مقيدة وليست مطلقة. بل هذا ما يسري أيضا في المجتمعات العلمانية الغربية على الحرية الشخصية من حيث حرية تصرّف الفرد بما يملك، (وهذه الحرية مقدّمة على سواها في الرؤى الليبرالية السائدة مع العلمانية، لا سيما فيما يسمّى الليبرالية الجديدة) فإن استخدم الفرد ماله في “شراء أصوات انتخابية” ظهر أحد القيود التي تؤكّد أنها حرية مقيدة أيضاً إذن ليست الحريات مطلقه وديننا الإسلامي الحنيف المحدد بضوابط تشريعيه يستلزم العديد من الشروط عند التعبير وإبداء الرأي منها. إن إبداء الرأي في مواضيع إسلامية لا بد أن يكون صادراً عن مسلم عاقل يتمتع بالأهلية كما يتمتع بمقدرة ثقافية علمية ، فليس من حق أي إنسان أن يتكلم في موضوع يجهل أبعاده، كما أن إبداء الرأي في مواضيع إسلامية يجب أن يصدر عن المعنيين بالأمر، فليس من حق الإنسان أن يُدلي برأيه في موضوع لا يخصّه ولا يربطه به صلة مباشرة ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «مِن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، وأيضاً إبداء الرأي يجب أن لا يتطاول على الإسلام والمقدَّسات الدينية للمسلمين ، لهذا فحرية إبداء الرأي يجب أن تخضع للقاعدة الفقهية الهامّة المستقاة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا ضرر ولا ضرار». هذا ما وصلت إليه أعزائي القراء مرتادي المواقع الاجتماعية ولكم انتم وليس لغيركم القرار.