الثقافة العربية تتصل بالواقع العربي الذي يمكن توصيفه بأنه واقع مأزوم بطريقة غير مُرضية، فالأزمة بذاتها ليست مشكلة، لأن الأزمة بالمعنى الفلسفي صفة مقرونة بكل المجتمعات، من حيث كونها سبباً للولوج إلى عوالم جديدة ومعالجة مشاكل قائمة، وإعادة النظر في مألوف العادات.. غير أن الأزمة غير الحميدة هي السائدة في الزمن العربي لسبب بسيط هو أن هذه الأزمة ليست سبباً في الولوج إلى عوالم جديدة، ومعالجة المشاكل، بل العكس.. حيث إننا نعيد إنتاج المنتج بكفاءة عدميّة، ونُرحّل الأزمات، ونُحسن فن إدارة الأزمات بالأزمات لا العكس!!. أمام هذه الحقيقة المُفْجعة يمكننا أن نتخيل وضع الثقافة بوصفها تمثيلاً حصرياً لذاكرة جمعية تاريخية، ويمكننا أن نتخيل مدى التمزق الداخلي في نفوس النخب الرشيدة الرائية لفداحة الموقف. هذا هو حال الثقافة العربية بموازاة الوجود الاجتماعي المأزوم، وبالتالي يمكننا أن نصل إلى توصيف ما نحن عليه من حال في عالم يرتقي فيما نهبط إلى درك سحيق.. إننا ببساطة شديدة في اشتباك عسير مع الذات والتاريخ والآخر الإنساني، وليس بوسعنا فض هذا الاشتباك إلا بمراجعة ما جُبلنا عليه وأفضى بنا إلى ما نحن فيه من ضعف ووهن وتمزق. [email protected]