• يمر وطننا اليمني اليوم بمرحلةٍ مفصليةٍ ولحظات تاريخية لبناء نظام سياسي جديد بعد أن سارت مجريات الأحداث نحو الانفراج بعون الله وتوفيقه بعد إقرار حكومة الوفاق قانون الحصانة وموافقة مجلس النواب عليه وفقاً للإجراءات المحددة في اللائحة الداخلية المنظمة لعمل المجلس ولجانه الدائمة وترشيح المجلس الأخ عبدربه منصور هادي مرشحاً توافقياً لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 فبراير الجاري التي يتم الإعداد والتحضير لها بصورة جيدة من قبل اللجنة العليا للانتخابات. • وتسير حكومة الوفاق بخطى حثيثة لتطبيع الحياة العامة في البلاد، حيث أطلقت سراح جميع الذين احتجزوا بصورة غير قانونية وغير مشروعة خلال ثورة التغيير 2011م، وتسعى إلى إغلاق كافة مواقع الاحتجاز غير القانونية التي تم استحداثها، وفتحت باب الحوار مع الشباب المعتصمين في الساحات، وقامت بجولة لدول مجلس التعاون الخليجي، فيما استطاعت اللجنة العسكرية والأمنية فتح الطرقات في أكثر المواقع سخونة وإزالة المتاريس، واستعادت بعض المرافق الحكومية التي كانت بيد مسلحين. • هذه الجهود التي قامت بها حكومة الوفاق وبنجاح كبير تبعث الطمأنينة والهدوء في نفوس المواطنين بمختلف محافظات الجمهورية؛ إلا أن أمامها مراحل طوالاً ومهمة، ولعل أهمها التحاور مع الشباب، وقد بدأ رئيس مجلس الوزراء ذلك الحوار، ونتطلّع إلى أن يشمل الحوار كافة الشباب بمشاربهم السياسية وبمختلف انتماءاتهم وفي كل محافظات الجمهورية دون استثناء، وخلق آليات تواصل دائمة بهم والتعرّف عن مشاكلهم وهمومهم؛ كل محافظة على حدة باعتبارهم شباب التغيير والثورة، وهم ممن دفعوا دماءهم غالية لانتصار الثورة وبزوغ شمس التغيير إلى يمن جديد وحر. • إن كل ما قامت به حكومة الوفاق إلى حد اليوم شيء يبعث على الارتياح، ولكنها حتى الآن لم تلامس نبض الشارع ولم تخفف من حدة الغلاء الذي أكل الأخضر واليابس، فمادة البترول مازالت بسعرها المرتفع جداً 175 ريالاً للتر الواحد؛ وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار كل المواد الغذائية والمواصلات والضروريات وغير الضروريات، ولايزال الكثيرون من سائقي سيارات الأجرة يقطعون الطرق في المكلاوعدن وصنعاء مطالبين بخفض سعر لتر البترول الذي تجاوز سعره اللا معقول دون أن تحرّك حكومة الوفاق ساكناً. • كما أن هذه الحكومة أمامها مهمة إعادة سير الدراسة في الجامعات، فبعض جامعاتنا ومنها (جامعة حضرموت) لم تستقر الدراسة في أروقتها وتحديداً كلية الهندسة وبعض الكليات الأخرى بسب عدم وجود أساتذة الجامعة من الأساتذة العرب الذين غادروا اليمن أثناء توقف الدراسة في الجامعة العام الماضي ولم يعودوا وإضراب ما تبقّى من أساتذة الجامعة اليمنيين المطالبين بحقوقهم. • وتظل شريحة الموظفين المغلوبين على أمرهم ومحدودي الدخل هي الشريحة التي تنتظر من حكومة الوفاق الإنصاف من خلال إطلاق العلاوات السنوية والتسويات الوظيفية للمستحقين، إلى جانب ذلك فإن أبناء المحافظات (الشديدة الحرارة) عدن، حضرموت، الحديدة، أبين بحاجة ماسة إلى وضع آلية جديدة لتعرفة الكهرباء المرتفعة جداً خاصة في الأشهر من أبريل إلى أكتوبر كل عام؛ إلى جانب ارتفاع تعرفة المياه التي اعتمدت نفس الطريقة التصاعدية للكهرباء. • هذه قضايا وهموم عامة يكابدها المواطن منذ سنوات طوال ويشعر أنها من أولى مهام حكومة الوفاق الوطني وأنها مسؤولية كبرى تقع على عاتق حكومة الوفاق، وأنها قادرة اليوم أن تبلسم جرح عاناه الشعب ردحاً من الزمن بدلاً من أن تنكأه بمزيدٍ من الضرائب ورفع الأسعار والتراخي والانفلات الأمني المشين، وهي بذلك ستقدّم عندئذ نموذجاً للعمل السياسي والأداء الحكومي المتميز، بجوهره الإنساني العميق. والله من وراء القصد. [email protected]