ثمة جنون قيمي وأخلاقي انتشر بين كثير من اليمنيين مخلفاً سلوكيات وشعارات وأقوال جعلت اليمن في زاوية ضيقة لدرجة لاتُحسد عليها تترك غُصة وحزناً في ضمير كل عاقل يؤمن بحق الاختلاف في الرأي ويكفر بكل دعوة للفرقة والتمزق والفوضى والاحتراب. إن ثورة التغيير السلمي التي كسرت حاجز الخوف والصمت لدى الإنسان اليمني كتبت تاريخاً جديداً لليمن ، لاينبغي أن تتحول إلى سجلات تجارية لممارسة الفرقة والأحلام المجنونة التي تظهر في مشاريع مناطقية تجاوزتها الجغرافيا والتاريخ والإنسان ليس في اليمن وحسب ، بل في العالم كله . حماية الثورة لاتكون بشق الصف وافتعال التضاد الثوري ولا بتقوية الشرعية والإمكانيات عبر الدول الباحثة عن الدور والنفوذ والبدائل والأدوات الرخيصة الثمن والقيمة، إن حماية الثورة تنطلق من إحساسنا بعظمة المسؤولية الوطنية والتاريخية والأخلاقية تجاه كل خطوة نُقدم عليها ، شعورنا بالانتماء إلى هذه البلدة الطيبة ، لابالتآمر عليها وإحراق حاضرها ومستقبلها لمجرد إشباع رغبة سوداوية حاقدة على هذا الطرف أو ذاك . رحل علي عبدالله صالح ومعه كل أوزار وأخطاء المرحلة مثلما يجب أن ترحل ثقافة الفساد والعبث واللامبالاة ودعوات الفرقة والتمزق والشتات ، لا أن نقول هذا مبتداها. من حق الجميع أن يعودوا للمشاركة والمنافسة في بناء اليمن الجديد الذي لايقبل التقسيم والارتهان من جديد للغة البندقية الملعونة ، الإخوة علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وحيدر أبو بكر العطاس مازالوا في وعينا وأعيننا وتقديرنا كباراً وعظماء بعظمة اليمن ، نتمنى عليهم ألا يسقطوا في مستنقعات المشاريع الملوثة التي تسعى للدفع باليمن إلى المجهول . ليعلموا جميعاً أن الحروب الداخلية التي تسببت في إبعادهم عن الوطن لم تقلل من مكانتهم أو احترامنا لهم ولتاريخهم النضالي ، مازالوا نجوماً في سماء اليمن ، فلا يليق بهم أن ينحازوا لدعوات الشتات وحمامات الدم والمشاريع الملوثة والممولة من قبل هذا الطرف أو ذاك، نريدهم أن يظلوا كباراً بحجم وأحلام اليمن الأرض والإنسان ، لادخاناً متعفناً بجثث أبناء وطنهم . إن اليمن يستحق منا جميعاً أن نحبه ونخاف عليه ونعمل سوياً لأجله ، أمنه واستقراره وتنميته ونهوضه وتطوره وتحسين صورته وسمعته وعيشة أهله مسؤوليتنا جميعاً ، كرامتنا من كرامته واحترام الشعوب لنا من احترامنا وتقديرنا له، واعتزازنا بالانتماء إليه والارتباط بتربته وأحلامه وهمومه ومعاناته. فرقاء الصراع الإقليمي والدولي وجدوا فينا نقاط الضعف التي يدخلون من خلالها ، يريدون أن يحولونا إلى سماسرة وبضاعة رخيصة يمررون مايريدون بواسطتها ،أصبحنا أضحوكة التاريخ ، صغاراً بحجم المشاريع المناطقية التي تترصد وحدة اليمن وأمنه واستقراره ، أليس في ذلك مايدعونا للبكاء على وطن لم نحافظ عليه مثل الرجال ، تنكرنا له وتسابقنا على حرقه وتمزيقه.؟ الانتخابات الرئاسية المبكرة طريقنا للتغيير السلمي الآمن, أثبتت الأيام أن الأخ المشير عبد ربه منصور هادي رجل بحجم ومسؤولية المرحلة الحرجة هذه، مثلما آمنت بأن الأخ الأستاذ/محمد سالم باسندوة رئيس حكومة الوفاق الوطني صاحب ضمير وطني ناضج ورجل بحجم الأمانة التي تحملها, علينا أن نكون عوناً لهم في بناء اليمن الجديد وقيادة السفينة اليمنية إلى بر الأمان وإن اختلفنا معهم في الآراء والقناعات. لايهمنا من أي قرية أو منطقة كانوا بقدر مايهمنا انتماؤهم الصادق والقوي لليمن الأرض والإنسان, ووفاؤهم للعهد الذي التزموه, لايجدر بأحد في هذه اللحظة التاريخية والمرحلة الشائكة والواقع المتأزم أن يقف صامتاً أو مخرباً للجهود الوطنية التي تسعى لتجاوز اليمن هذه الظروف والمعاناة المادية والمعنوية والسياسية والأمنية, قيامنا بالواجب الوطني وإنجاح الانتخابات فريضة دينية وإنسانية وأخلاقية لايُعفى منها أحد لديه ذرة من ضمير أو إحساس بحق الانتماء لليمن الأرض والإنسان، التاريخ والجغرافيا. [email protected]