ما جرى ويجري من أحداث مؤسفة وأحاديث ودعوات قاصرة لا تعي التاريخ ولا الحاضر ولا المستقبل، كما أنها لا ترتقي إلى القيم الإنسانية المتعارف عليها، دعوات تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الشعوب والمجتمعات.. قلبي على وطني منبع العروبة وأرض الأجداد، يقابل بالجحود والنكران بدلاً من المحبة والإجلال، تآمر مستمر من الأبناء والاخوة والجيرة وأشقاء الدم والُلحمة، واللغة والجغرافيا والتاريخ والدين..تطاول عليه الأدعياء والملصقون به، الكل يتآمر للنيل منه لماذا..؟! لا ندري. ولأول مرة في تاريخ الشعوب والمجتمعات يخرج دعاة للتشطير والفصل والتجزئة، نخاسون جدد تحللوا من كل القيم وتنصلوا حتى من رجولتهم وانتمائهم الوطني. لأن الرجولة قيمة ذاتية كبرى تأبى على صاحبها السقوط والارتماء في مزبلة التاريخ، والانتماء الوطني يأبى على صاحبه أن يكون سمساراً متسولاً يقتات على حساب معاناة وطنه وشعبه. إنه الجنون الحضاري الذي أخرجهم إلى مستنقعات الارتزاق اللا مشروع، والرضا بأن تكون أيديهم هي السفلى الملوثة. أحرقوا تاريخهم الوطني في لحظة حمق، شطبوا أسماءهم من ناصية التاريخ، وارتضوا لأنفسهم السقوط المريع والتردي القيمي والأخلاقي والإنساني وبصورة تدعو إلى الحزن والأسف. إن العظماء مهما تغيرت ظروفهم وتبدلت أحوالهم يظلّون عظماء بأقوالهم وأفعالهم ولا يرتضون لأنفسهم السقوط والهرولة إلى القيعان الموبوءة، أو الارتماء السافر في طابور الارتزاق والتسول بأمن وسلامة ووحدة واستقرار وحاضر ومستقبل أوطانهم. قلبي على وطني اليمن صبور يتحمل على الدوام ظلم وتعسف الأبناء، وحقد وكراهية بعض الاخوة والأشقاء، دون ذنب أو جريرة ينفقون مئات الملايين من الدولارات للإضرار به وإقلاق سكينة أبنائه وإعاقة تنميته وإيقاف عجلة تطوره الإنساني المشروع، لماذا؟.. لا ندري. هل جبل الإنسان العربي على كراهية نفسه وعداوة اخوانه التي لا تعرف الصفح ولا التسامح، ولا تحترم كرامة وقدسية الإنسان؟!. هذه الدولة الخليجية أو تلك الإقليمية التي تدفع ملايين أبنائها وشعبها من الدولارات والثروات في سبيل النقمة على اليمن وأبنائها والإضرار بأمننا واستقرارنا ووحدتنا؛ ماذا ستربح يا ترى؟!. هل ستنعم بالسلام والطمأنينة وراحة الضمير حين يعاني اليمنيون ويتفرق شملهم ويصيب الخراب والدمار بلادهم، هل يسر هؤلاء وأولئك مسلسل الدمار والدماء؟!. لو أنها - لا قدر الله - قد منحت التنمية في اليمن جزءاً بسيطاً لا يذكر من تلك الملايين التي تنفقها للاضرار بوحدتها لأصمتنا بعبارات وبيانات وخطب المن وتعالت علينا بقولها وفعلها لا يحول دون ذلك انتماؤنا لأمة واحدة ودين واحد ولغة واحدة وتاريخ وحضارة لا تنسى. إنه الانتحار الأخلاقي والجنون الحضاري الذي أفقد الأبناء حق الوطن وجرّأهم على كرامته وقدسيته، مثلما أفقد أشقاء العروبة واخوة الدين والمصير رشدهم ونقاء ضمائرهم. اللهم إليك نشكو هؤلاء وأولئك، ردّهم إلى صوابهم، وجنبنا شرّهم.