أنا ضمن ذلك البعض الذين لم يتوقعوا الاقبال على صناديق الاقتراع في طوابير منضبطة أوجدت عجزاً في بطائق التصويت. ولهذا ليسمح لي كل المندهشين بالاعتراف أن الذين قرأوا كتباً أكثر مايزالوا واقعين في منطقة العجز عن قراءة المزاج الشعبي ومتثائبين في استيعاب ما يعتمل في صدور المجتمع وضميره وعقله الجمعي. ولعل الجميع لم ينسَ اندفاع المواطنين والمواطنات زرافات ووحدانا في مشاهد تستحق الدراسة والتحليل، حتى من أولئك الذي ضمرت عندهم ملكة التحليل وليس من الشطط في شيء إعلان أننا مانزال نحتاج إلى كل هزة معنوية وإنسانية بذات احتياج بطارية الهاتف إلى الكهرباء.. وهذا ما كان ويكون. نريد «المخارجة» .. تعبنا .. وتعب أطفالنا من استمرار اتساع الخرق على الراقع وصار من حقنا على النخب احترام طموحنا في مكان أفضل على خارطة الحياة، مكان نغادر به منطقة الاحتراب والعنف الجسدي والمعنوي ونريد أن يغمرنا الإحساس بالغرور الذاتي والزهو الوطني بأن (أبو يمن) انتظم في طوابير اختيار رئيسه التوافقي متجاوزاً نزيف الدم وخراب البنايات التي لم يتم ترميمها بعد. كانت الطوابير منتظمة .. محترمة وحتى عندما أعطى شاب أخاه حق تجاوز الطابور بالوقوف أمامه أصغى للتنبيه وتراجع الاثنان إلى الخلف. نحن أبناء بلد واحد، ولذلك لا أشعر بالحرج من مصارحتكم بحاجتي لأن أسمع الآخرين يقولون عنا.. مايزال اليمنيون أهل حكمة وهم يتوجون ثورة شبابهم بتسوية نقل السلطة دونما حاجة لمدينة مثل «بني غازي».. بحاجة لأن نرى دائماً الرئيس السابق يسلم المفاتيح للرئيس القادم دون أن يشعر أي طرف بوجود مهزوم. وهكذا دواليك دواليك .. ودون أن تنتظر من أي رئيس أن يعطيك «فماً» من حقنا جميعاً أن نفخر ولكن ليس قبل أن نوفي باستحقاق حسنة التغيير السلمي وليس الاستحقاق إلا الاعتراف بأن الشعب اليمني هو البطل الحقيقي وهو يقابل حرمانه من الخدمات ومن الأمن ومن العيش الكريم بهذا السلوك الذي يتصدره مظهر التفاعل الإيجابي مع متطلبات رسم مستقبله وإشاعة نعمة الإحساس بالرقي في حضرة الطابور.