تشكيل "قوات درع الوطن" لصاحبها "رشاد العليمي" غير قانوني (وثيقة)    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    قبيل التطبيع: اتفاقيات أمنية سورية مع إسرائيل قبل نهاية العام    الخونة خارج التاريخ    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    للمرة السادسة.. "فيتو" أميركي في مجلس الأمن يفشل مشروع قرار لوقف النار في غزة    البوندسليجا حصرياً على أثير عدنية FM بالشراكة مع دويتشه فيله    ذكرى استشهاد الشهيد "صالح محمد عكاشة"    جنوبيا.. بيان الرئاسي مخيب للآمال    لماذا تراجع "اليدومي" عن اعترافه بعلاقة حزبه بالإخوان المسلمين    راشفورد يجرّ نيوكاسل للهزيمة    حين تُغتال النظافة في مدينة الثقافة: افتهان المشهري شهيدة الواجب والكرامة    تعز.. إصابة طالب جامعي في حادثة اغتيال مدير صندوق النظافة    تجربة الإصلاح في شبوة    صندوق النظافة بتعز يعلن الاضراب الشامل حتى ضبط قتلة المشهري    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    سريع يعلن عن ثلاث عمليات عسكرية في فلسطين المحتلة    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    وعن مشاكل المفصعين في تعز    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    انخفاض صادرات سويسرا إلى أميركا بأكثر من الخُمس بسبب الرسوم    مجلس القضاء الأعلى ينعي القاضي عبدالله الهادي    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    المحرّمي يعزِّي في وفاة المناضل والقيادي في المقاومة الجنوبية أديب العيسي    الأرصاد: حالة عدم استقرار الأجواء ما تزال مستمرة وتوقعات بأمطار رعدية على أغلب المحافظات    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    برغبة أمريكية.. الجولاني يتعاهد أمنيا مع اسرائيل    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    يامال يغيب اليوم أمام نيوكاسل    مفاجأة طوكيو.. نادر يخطف ذهبية 1500 متر    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    مجلس وزارة الثقافة والسياحة يناقش عمل الوزارة للمرحلة المقبلة    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيد مازن البذيجي حين تنجبه مدينة صناعة الأبطال ويجعل من شهادته سيمفونية تضحية أبهجت وحررت اليمن واليمنيين
نشر في الجمهورية يوم 28 - 02 - 2012

تغدو الأمنيات حقيقة حين تتوشح بالشهادة، والشهادة هنا في ثورة شبابية شعبية كالثورة اليمنية شرف وأي شرف طالما وقد عملت معظم امهات الشهداء على تجهيز ابنائهن لنيل هذه الشهادة المشرفة ، ما بالنا والشهيد الذي مرت ذكرى استشهاده قبل ايام هو الشهيد مازن البذيجي، أول شهداء الحرية والثورة في تعز وثالث الشهداء الميامين في الجمهورية اليمنية الثائرة ، كأن الله قد جعل بشارة النصر في اليمن بشهادة هذا الشاب المقدام ، الشاب الذي تحفظ اليمن اسمه كأحد أعظم ابنائها ، كذلك يجيد ابناء تعز تلاوة سورة مازن الثورية كما لو انهم مؤمنون ان لكل زمن ابطاله ، ومن رجال زمن الثورة مازن سعيد عبده محمد البذيجي ..قدَّس الله سيرتك وبطولتك وثوريتك وشهادتك يا سيدي يا حبيبي يا مازن الشهيد..
أكتب عن ذكرى اولى شهادة لمازن البذيجي وانني حين اريد ان اكتب عنه ونحن نعيش ذكرى بطولته اثق جيداً انني أَعجز وأفشل من أن اعطي ولو جزءاً بسيطاً مما يستحقه هذا الشهيد الخالد ، وانا الذي يتشرف ان يكون من جيل مازن البذيجي وترافقت طفولتي وشبابي معه ، عشت معه طفولة سعيدة احياناً وشقية في أحايين أخرى ، هكذا نحن أبناء القرية ، تعطينا الطبيعة فرصة للضحك لكننا لم نستطع ان نتواءم معها كما يجب لأن القرية التي آوت طفولة وشباب مازن البذيجي هي تلك الأرض المعطاءة في الحب والألفة والنقاء ، كان لزاما على منطقة “ البذيجة “ ان تجيد فن صناعة الأبطال وهي التي ظلت تنجب افضل ما لديها من دُرر ، منها الأستاذ والطبيب والمهندس والصحفي والطالب والعامل والفلاح، فيها السياسي والاقتصادي وكذا الاجتماعي من الرجال والنساء الأفذاذ ذو العلم والبصيرة ورجاحة العقل ، فاستطاعت هذه المنطقة ان تكبح عزلتها مرات عدة ، كانت ترفض ان تظل حبيسة النسيان المنظم والمتعمد عليها فحلقت عالياً في سماء الزهو وتميزت باحتضان أول شجرة “ دم الأخوين “ خارج جزيرة سقطرى حين نبتت هذا الشجرة في البذيجة وحدها ، كما انها تميزت أخيراً بأول من رفد الثورة اليمنية بشهيد تعز الأول .. مازن البذيجي ..
عاش مازن البذيجي طفولته وشبابه في قرية “الزوق” وهي إحدى قرى البذيجة ، ظل مازن وأسرته المكونة سبعة أفراد في هذه القرية حتى حين كانت القرية تعاني من نزوح جماعي في اتجاه القرى الأخرى وكذا المدينة ، قرية “الزوق” هي القرية الأثرية في المنطقة ، فيها ولد العديد من ابناء البذيجة ومنها غادر الكثير بعد ذلك ، تعلم الشهيد مازن في مدرسة الانقاذ بذيجة ومعهد أبو هريرة في بني محمد وانقطع عن التعليم بعدها بسبب الحالة الصعبة لأسرته، كونه الابن الأكبر الذي يجب ان يتحمل أعباء الحياة الى جانب والده سعيد البذيجي . كما هو قدر ابناء الريف في اليمن.
لم ينل مازن نصيبه الكافي من التعليم لكنه بما ناله من تعليم استطاع أن يؤسس لنفسه قاعدة وطنية لتمييز خلل معاناته وأبناء جيله، خلل وطن يفتقد الى الاتزان فكانت نتيجة ذلك ان حرم مازن وغيره من التعليم والحياة الكريمة، عرفتُ مازن معارضاً للنظام منذ بداية صباه ، نشأ الشاب حزبياً في التجمع اليمني للاصلاح ، ومن خلال هذه التنشئة الدينية والسياسية عاش مازن بدايته منافحاً ومؤدلجاً لقضايا وطنية تبناها حزبه ، وبعد سفر مازن الى المدينة تفلت الشاب من أي عباءة تنظيمية وبقي على نهجه المطالب بوطن أفضل يتسع له ولأحلامه ، وطنا يعزُ الجميع ولا يذل تحت رايته أحد ..
اتت ثورة فبراير والتي كان مازن أول شباب 11 فبراير الذين حملوا راية التغيير ونصبوا لهم وللوطن الكبير هدفاً سعوا جميعا لتحقيقه منذ بدء ايام الثورة الشبابية ..
أشعل مازن البذيجي مع رفاقه ثورة فبراير في تعز ، لكنه حين تأكد من وضع مداميك أول ساحة حرية قررت أيادي الخسة والعار ان تصطاده في عملية جبانة ، كان التاريخ انذاك 18/2/2011م ، اي بعد بدء الثورة بأيام رمى بلاطجة صالح في تعز قنبلة الغدر على الساحة، كانت الساحة البكر والفكرة الجديدة في ثورات الربيع العربي تتشرف باسم ساحة الحرية ، كان الوقت عصراً حين كانت رمية القنبلة وشلت يد راميها ، القنبلة وقعت في وسط ثلة من الشباب الثائر ، انبرى مازن البذيجي لهذه القنبلة قبل انفجارها حين اخذها بيده لعله يستطيع ان يرمي بها بعيداً قبل انفجارها ، ابتعد الشاب الى مكان بعيد عن الشباب الثائر واستطاع ان يضع منطقة أمان لثوار الساحة من دونه ، وهو في المكان البعيد عن اصدقائه انفجرت القنبلة التي ارتقى بسببها شهيداً في اليوم الثاني في احد مستشفيات المدينة ، دحر مازن الشر عن بقية رفاقه ووهب روحه فداء لوطنه وثورته ورفاق من أنبل ابناء المدينة ، كان استشهاد مازن مؤثراً بحجم التضحية التي قدمها الشهيد، رددت تعز اسمه كثيراً وخرجت جنازة مليونية لم تعرفها تعز منذ عقود ، احتشد الناس من المدينة والريف.. كان هذا بمثابة المواساة لأسرة الشهيد المكلومة والمفتخرة في آن أصدر ابناء البذيجة بياناً عبروا فيه عن فخرهم وامتنانهم لله في ان جعل هذا الشرف الكبير من نصيبهم ، قال آباء واخوان واصدقاء الشهيد مازن البذيجي من ابناء منطقته “إننا في منطقة البذيجة لا نجد اليوم إلا أن نحيي بطلنا العظيم - الشهيد مازن البذيجي - وفدائيته الباسلة ، سائلين الله تعالى أن يتقبله في عداد الشهداء والصالحين ، معربين عن خالص تقديرنا وجزيل شكرنا لكل المواقف الوطنية الشريفة التي تبنت قضية الشهيد العادلة ، وفي مقدمة الجميع شباب ساحة الحرية بتعز وكل من تواصل معنا وتضامن مع أسرة الشهيد وأبناء المنطقة ، ونجدها مناسبة سانحة كي ننوه للجميع أن ما قام به الشهيد يمثل وساماً على صدر أهله وأبناء منطقته ووطنه ، ولهذا نعتذر عن قبول العزاء فيه ونتقبل التهاني بدلاً عن ذلك” .
هل رأيتم عظمة كهذه ، بالتأكيد انها عظمة مازن ومن لحقه من الشهداء الأبرار وكذلك جرحى الثورة الأبطال .
هم هؤلاء فقط من اردوا نظام صالح قتيلاً بعد 33 عاما من الظلم والقهر والاستبداد ..
اضحت منطقة البذيجة تعرف بشهيدها مازن البذيجي ، تعرفه أودية اليمن وجبالها ، كان هذا الشاب ملهماً للكثير من الثوار خصوصا اولئك الذين نالوا الشهادة من بعده ، واننا حين نحيي ذكرى استشهاد مازن البذيجي فاننا نحيي ذكرى الثورة وشهداءها وأهدافها لنذكر الجميع ان الهدف الوطني الذي استشهد من اجله هؤلاء لابد وان يرى النور كاملاً دون انتقاص او مساومة من حزب او شخص او طائفة وفاء لنجابة ونخوة ووطنية مازن ورفاقه الكرام ..
لم يكن مازن البذيجي ذلك الثائر الذي لم يمكث في الساحة الا اياماً ، لكنه كان وسيظل الحاضر الى الأبد، سيظل الشموخ الذي يتسرب الى نفوسنا جميعا ، كان ومعه الشهيد محمد العلواني والشهيد ياسين أحمد والشهيد عوض السريحي قادة للشهداء ، قدمت البذيجة بعد مازن شهيدا آخر وهو الشهيد أنس ذياب البذيجي، تعرضت تعز الى ما تعرضت له فكان مازن مثالاً للبطولة والاقدام .
صار لمازن البذيجي لواء يحمل اسمه ، يعتقد الجميع ان هذا اللواء عمل على مجابهة الشر الذي اريد لتعز ، يطالب ابناء الثورة في تعز وغيرها ان يكرم مازن كما يجب وليس كما ينبغي ، لابد ان يكون هناك شارع مازن البذيجي وأن تكون الرعاية واجبة أخلاقياً ودينياً لأسرة الشهيد مازن البذيجي ، هذه الأسرة الكريمة والطاهرة ومثلها آلاف من أسر الشهداء يجب ان تُكرم وتحظى بالاهتمام اللائق ..
اما نحن كم نحب ان نكون أصدقاء الشهداء، فأنتم ايها الشهداء «اصدقاؤنا الجدد» و ليس هناك من يستحق ان تُرفع صورته وان يُدرس تاريخه وبطولته الا أنتم ايها الكبار ، لأنكم الثابت وليس المتغيِّر ، انتم يا رفاق الثورة الشهداء لكم العزة والرفعة والشرف ..سلام عليك يا مازن شهيداً ، السلام على مآثرك وتضحياتك ، انت الحي في قلوبنا وخنوعنا وحده الميت في هذه الفانية ..قدس الله شهادة تفخر بك انت، ايها الأكبر من وطن والأكثر من وطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.