لا أدري ماذا أقول لمن راتبه تجاوز المئة ألف ريال يمني وهو يتذمّر باستمرار من الأوضاع .. ولن أناقش من دخله الشهريّ تجاوز المئتي ألف والنصف مليون إلى مالا نهاية . لكنني أسخر وأقهقه وكلي قهر ممن راتبه يدور حول الثلاثين الألف أو يزيد قليلا وينقص ويتحدث معك بثقة مطلقة أن الدنيا «سابرة» والأوضاع في تحسّن ويفتي في كل شيء إلا في حقيقة واقعه الشخصيّ الذي هو واقع الغالبية من أبناء الشعب العايشين .. وبس . ويتشدق سياسيو البلد وخاصة مسئولي الجناح الماليّ منهم والإداري حول وظائف الدولة وما يقدمونه من خدمات جليلة وما يمنحونه من فُتات لا يساوي ربع ما يمنحونه لطاولةٍ مكتظّة بأحد مطاعم العاصمة لغداء يومٍ واحد لهم ولمن باعوا ذمتهم للشيطان .. ولا يتورعون أن يقولوا كغالبية البسطاء أن الله موجود وهو يتولى تسيير معيشة البشر .. ويدركون جيداً في أعماقهم أن الله سبحانه وتعالى غير راضٍ عنهم ولا عن خططهم الدنيئة في أكل حقوق المواطنين وذرّ الرماد في عيونهم ببضعة حروفٍ يبيعونها في الصحف .. وتمضي الأيام . السماء لا تمطر أموالاً يا قومنا .. والرزق لا يأتي لمن يقول: أنه وهب نفسه لله ثم يتوسّد زاوية منزله في هذا البلد المنكوب .. الرزق يأتي لمن يجاهد في سبيل أطفاله وعائلته أولاً .. ويزاحم المفسدين صغارهم قبل كبارهم في سوق معيشته على امتداد كل شبرٍ في هذا الوطن .. فإن تسامح في حقه سيسرقونه كما سرقوا خيرات البلد وكل أحلام الضعفاء . وأعود لأصحاب المرتبات «الدنيئة» ولا أقول “الدنيا” .. لأن وضعاً كهذا لا يمكننا المزيد من السكوت عليه في ظل التضخم المالي الفاحش للكثير من أصحاب الكروش المنفوخة باتجاه السماء .. وكنا نعرف أنها تتدلّى للأسفل .. لكنها بقدرة خبيثٍ تحولّت في العام 2011م إلى كروشٍ تمتلئ باسم السماء .. والكل منهم يعتقد أن السماء لا تنظر إلا إليه .. ولن تفقه سواه في هبة المنح والأرصدة السخيفة التي أضافت لليمن المزيد من العناء والوبال . أقول لي ولكم يا أصحاب الدخل المحدود والبضعة آلاف من العملة السخيفة: لن ينظر لحالكم أحد .. ولن يرفع من مستوى معيشتكم إلا سواعدكم وصراخكم وملاحقتكم لكل الأوباش .. وفضحهم أمام الملأ بكل ما تستطيعون من إثباتٍ ووثائق للرأي العام .. ولتكن خيرات هذا البلد للجميع .. أو النكال للجميع .. فقد سئمنا حكاية مواعيد السماء التي لقنوها لنا منذ سنين طويلة تحت ذريعة أن التوكل على الله يجلب رزقك وأنت تحت غطائك .. وعيال الحرام نهبوا بنوك الوطن وعاثوا بكشوفات أرصدته كما شاءت لهم حظوظ المغفلين . [email protected]