لا أجد وصفاً يليق بجلالة قدرهم ، وعظمة مكانتهم ، ونبل أهدافهم ومقاصدهم ، وسخاء مابذلوه من جهد وتضحيات سوى القول أنهم فتية آمنوا بربهم ، وزادهم المولى شرفاً في التعظيم والتكريم أن اصطفاهم واختارهم إليه باتخاذهم شهداء (ويتخذ منكم شهداء) . هؤلاء الفتية هم شهداء مجزرة ( جمعة الكرامة ) والذي يصادف اليوم الأحد الذكرى الأولى لهذه المجزرة فعقب أداء جموع المصلين في جمعة الكرامة 18مارس ، الصلاة أمطر قناصة مدربون ومحترفون - وكأنه جيء بهم ليمارسوا هواياتهم في القنص - وابلاً من رصاصات الحقد والغدر والبربرية تجاه الجموع الثائرة التواقة للحرية والكرامة .. فسقط (53) شهيداً من أنبل وأطهر شباب الثورة . مجزرة وحشية أدمت القلوب لهول بشاعتها ، بحق شباب أبرياء عُزل من السلاح ، إلا سلاح الكلمة والعزيمة والإرادة لاذنب لهم سوى أنهم أوقدوا شعلة الثورة والتغيير وحلموا بمستقبل أفضل . لاذنب لهم سوى أنهم فتية آمنوا بربهم وأمنوا بعدالة مطالبهم وسلمية ثورتهم ، فزادهم الله صموداً وتثبيتاً ، وربط على قلوبهم بالصبر فثاروا ضد ظلم(دقيانونس) لم يهربوا إلى الكهف خوفاً من بطش الملك أو القتل بل خرجوا إلى الساحات رافضين للظلم وحياة القهر والذل والاستعباد باحثين عن شيء اسمه الوطن الحرية الكرامة هاتفين (سلمية سلمية ) فقاوموا الرصاصة بالصدور العارية والبلطجة بالسلمية .. وحين تنامى إلى مسامع النمرود أن هناك فتية ترفضه ، وتسفه سياسة حكمه وتطالبه بالرحيل أزبد وأرعد وقال (سنواجه التحدي بالتحدي وإذا بالفتى إبراهيم شباب الثورة يحطمون آلهة الذل والخوف التي ظل شعبنا خاضعاً لها 33عاماً حينها جن جنون النظام ، فسل سيف العقل وخضبه ب(53) شهيداً كي يطفئ نور الثورة ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ويكرم شهداءه ، ويزداد وهج الثورة اشتعالاً وبدأ عقد النظام في التساقط والانفراط فانحاز الشرفاء وكل صاحب ضمير حي إلى صف الشعب بعد هذه المجزرة وأوشك النظام على السقوط كاملاً بفضل شهداء الكرامة وقاب قوسين أو أدنى على حزم أمتعة الرحيل . هؤلاء الشهداء شهداء الكرامة شرّفهم الله وكرمهم بأن اصطفاهم إلى جواره في يوم من أفضل الأيام يوم الجمعة ولعل الله قد اطلع على صدق نواياهم فاتخذهم شهداءً واصطفاهم دون غيرهم. والكل تابع ورأى على شاشات القنوات الفضائية صور الشهداء ورؤوسهم مُفجرة وقنص متعمد على الرأس والعنق والصدر ورأينا مشاهد وصوراً مروعة تقشعر لها الأبدان ، أبكت اليمنيين جميعاً . مجزرة لايمكن أن تُنسى من ذاكرة اليمنيين في يوم سيقف عنده التاريخ إكباراً وإجلالاً لشهداء الكرامة يوم ادمى قلوبنا جميعاً . من منا لم يبك وهو يرى تلك الصور المرعبة لشباب في عمر الزهور، ورصاص القناص تفجر أدمغتهم وأعناقهم وقلوبهم ، من منا لم يبك ولم ينم ليلته تلك مصدوماً من هول ما رأى من دماء وأجساد ممزقة . شُلت يداك أيها القاتل القناص يامن روعت الآباء والأمهات ويتمت الأطفال وأرملت النساء ، وفجعت اليمن بأعز شبابها . ياشهداء الكرامة أنتم أساتذتنا في التضحية والشهادة ، لولاكم لما كانت ثورتنا ولولاكم لما انتصرت ثورتنا .. بدمائكم أجبرتم الطاغية على الرحيل . عهداً ياشهداء الكرامة وشهداء الثورة .. وكل شهيد أكد القسما ، وسقى أرض الكفاح دماً طاهراً في كل حي وشارع وساحة أن لانُضيع له عهداً ولا ذمماً . عهداً ياشهداء الكرامة لن ننساكم وسوف نحاكم القتلة عاجلاً أم آجلاً أنتم لوحة الشرف والمجد ذو ال ( 53) قنديلاً من قناديل الحرية التي أضاءت درب ثورتنا المعلقة على جدرانه قلوبنا . أما أنت أيها القناص فلن تغني عنك حصانتك شيئاً إن كنت تظن أنها ستحميك في هذه الدنيا ، فكيف بك في يوم تشخص فيه الأبصار وحتماً ستصلك يد العدالة مهما تحصنت وأينما رحت وذهبت . الرحمة والغفران لكم أيها الشهداء الأبرار.. والخزي والعار لكم أيها القتلة الأشرار .