إن نجاح الشعب اليمني بجميع مكوناته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وبكل قوى التعددية السياسية والحزبية في انجاز قيام دولة النظام والقانون المنشودة والملبية لطموحات الجميع لن تتم إلا إذا استطاع الجميع وبخاصة المثقفين والقوى السياسية أن يميزوا بين مفهومي الثوابت الوطنية والقومية والإسلامية وبين المتغيرات التنموية عامة، باعتبارهما الركيزتان اللتان تقوم عليهما الدولة المنشودة. وان يتم التعامل معهما بمسارين متوازيين متكاملين أي بالمسار الثوري الجماهيري تجاه قضية الثوابت والمسار السياسي تجاه المتغيرات. علماً بأن الأحزاب السياسية يمكنها التعامل في المسار السياسي باجتهادات كل طرف أو حزب على حدة لكن في ضوء الثوابت التي لا تقبل التعامل معها إلا جماعياً وفي إطار تنظيم جماهيري سياسي جامع. وفي رأينا أن تكتل المشترك وشركاءه يمكن اعتباره النواة لقيام التكتل الجماهيري السياسي الجامع إذا ما تم انضمام ممثلين للشباب في الساحات وممثلين عن رجال المال والأعمال وممثلين لقطاع المرأة بل وممثلين عن القضاة والجيش والأمن باعتبار الثوابت تعني كل أبناء الشعب وكل الأحزاب ولا فرق في ذلك بين مدني وعسكري فلا خلاف حول هذه الثوابت. فالإسلام شريعة وعقيدة يأتي في صدارة الثوابت ولا يختلف حول ذلك اثنان، وكذلك أن العربية لغتنا جميعاً وأننا نحمل الهوية الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية ولا خلاف في ذلك، وإننا متفقون على الديمقراطية كنهج سياسي أساسه التعددية السياسية والتبادل السلمي للسلطة وكلنا نريد استقلال القضاء وحيادية السلطة والمساواة في المواطنة، ونحرص على المصالح الوطنية والأسرية والفردية والعدالة في توزيع الثروة بين المناطق والجهات والمواطنين.. الخ. زد على ذلك بأننا نؤمن بأن الشعب هو صاحب الحق في السلطة والثروة، وأن الإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها وأن الجميع يؤمنون بالوحدة اليمنية أرضاً وإنساناً بل ونطمح جميعاً إلى قيام وحدة عربية ووحدة بين المسلمين وذلك وفق أطر جمامعة تعني بالثوابت مع احتفاظ كل قطر بنظامه السياسي كونه معني بقضية التنمية التي تندرج ضمن مفهوم المتغيرات، فلا يلغي الوطني القومي ولا العكس وغياب كيان الثوابت عبر جميع التجارب السابقة هو الذي حال دون الوصول إلى الوحدة العربية وأدى إلى فشل كل الخطط التنموية في الأقطار العربية على الوجه المشهود بل وكان سبباً في تفرق الأمة وضياع حقوقها وإهدار كرامتها وخيراتها وفشلها في ردع العدوان الصهيوني المستمر حتى الآن، ولاشك بأن غياب الكيان الجماهيري السياسي المعني بثوابت أبناء الشعب اليمني ومثله بقية الشعوب العربية هو السبب في قيام الأنظمة الدكتاتورية وفساد جميع أجهزتها التشريعية والقضائية والتنفيذية إلى درجة أن يتحول الجيش والأمن بل والنظام السياسي كله إلى عدو مباشر للشعوب والأوطان بدل أن يكون خادماً لها وحامياً للأرض والإنسان، مما سبب انفجار ثورات الربيع العربي ومنها الثورة اليمنية. وبطبيعة الحال تعتبر أهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وأية إنجازات تحققت بفضلها أو مكاسب وإن كانت متواضعة إلا أنها تندرج ضمن الثوابت بمفهومها الواسع. ولو وجد مثل هذا الكيان المعني بالثوابت لما اضطررنا للخضوع لأية وصاية إقليمية أو دولية لحل قضيانا وأزماتنا كما هو حاصل اليوم. ولا نريد أن نكرر خطيئة انفراط عقد المؤتمر الشعبي الذي كان تنظيماً جامعاً لكافة الأحزاب والقوى السياسية، حيث استقلت عنه القوى والأحزاب السياسية بمجرد إعلان حرية التعددية السياسية بعد الوحدة ساعية وراء قضية المتغيرات دون اعتبار لقضية الثوابت فكانت نتيجة ذلك الفشل ثم اضطرت لاحقاً إلى تأطير نفسها فيما عرف بتكتل المشترك وشركائه واتفقت على رؤية كميثاق للخروج من الأوضاع المأزومة. وما نخشاه أن يصب المشترك وحلفاؤه الاهتمام بقضية النظام السياسي على حساب الثوابت وأهداف الثورة الشبابية والشعبية فتكون النتيجة نفسها وهي الفشل أيضاً. وهاهي الفرصة متاحة فهل الإرادة لدى الثوار والأحزاب والقوى السياسية متوفرة، هذا هو المسئول المنتظر الإجابة عليه