كنا نناقش مصطلح “الربيع العربي” الذي أطلقه “أوباما” على ما يجري في الوطن العربي “من فوضى خلاقة” هي غاية الإمبريالية الغربية الصهيونية بهدف القضاء على ما تبقى من الوجود العربي، وتأمين الكيان الصهيوني، وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً بعد الانتهاء من ضرب الممانعة والمقاومة العربية أينما وجدت. صحيح أن الشباب العربي الذي خرج يطالب بإسقاط الأنظمة في العديد من الأقطار قد خرج تحت ضغط المعاناة والمكايدة وللحاجة الفعلية في التغيير لكن خرج الشباب دون موجهات، ودون هداية ودون برنامج، رغم أنه كان صادقاً، وبريئاً إلى الحد الذي ركبت انتفاضاتهم قوى حزبية تقليدية، قد تكون أسوأ من الأنظمة التي كانت قائمة، وانتهزت الفرصة للوصول إلى السلطة على ظهور الحركات الشبابية الشعبية التي تفتقد إلى البدائل الفكرية والقيادية التي كان يجب أن تحل محل الأنظمة التي يطالبون بإسقاطها. وهذا ما هو واضح في تونس ومصر وليبيا، حيث حلت فيها وفازت في الانتخابات قوى راديكالية يمينية أعلنت التزامها قبل وبعد وصولها إلى السلطة بكل العلاقات والاتفاقات مع الخارج التي التزمت بها الأنظمة السابقة، وهي علاقات واتفاقات تبعية للإمبريالية الغربية والعولمة التي خربت ودمرت اقتصادات ومجتمعات الأقطار العربية.. بل ولم تخفِ التزامها حتى مع العدو الصهيوني، واستعداها للتفاهم والتعاون مع النظام العالمي الإمبريالي الصهيوني. هذه هي البدائل التي أطاحت بالحركات الشبابية وأهدافها النبيلة، بل وهمّشت الشباب وأبعدته عن الوصول إلى السلطة التي كادت كاملة قد تركزت بيد قوى راديكالية يمينية لا تؤمن بالثورات، ولا بالتغيير إلا في حدود ما يمكنها من الوصول إلى السلطة. وانظروا إلى الحكم الذي صار في تونس ومصر وليبيا، حيث لم يترك مجالاً للشباب ليصبح “الربيع العربي” في الحقيقة هو “الخراب العربي”.. وصودرت وسرقت الثورات.