ليس هناك ما يبشر بدنو النهاية التي نرتجيها للخروج من هذه الأزمة التي نعيشها منذ أكثر من عام، كما أن كل المؤشرات والدلائل تتجه نحو التأكيد بأن الأزمة ستعود إلى مربعها الأول. الأزمة لم تهدأ، وإن وجد من يعمل على التهدئة ويحث الخطى نحو إنهائها، إلا أن هناك طرفاً آخر يعمل على إثارتها وإشعال النار في أكثر من مكان، ولا شك بأن التصريحات التي تتحفنا بها بعض قيادات المشترك لاسيما منها المنتمية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، تعد واحدة من أشكال الإثارة التي لا هدف منها سوى النيل من التسوية السياسية ومن كل الجهود القائمة لتقريب وجهات النظر والمضي في اتجاه تنفيذ ما تبقى من بنود المبادرة سواء التي لم تنفذ في المرحلة الأولى أو الثانية التي مرّ على بدئها قرابة الأربعين يوماً والصورة لم تتضح. البعض من هذه القيادات اتخذت من قضية هيكلة الجيش - التي تعد أحد بنود المبادرة الخليجية ولا مفر من تنفيذها - مبرراً لعدم التهدئة، وذهبت نحو التصعيد؛ سواء بصناعة الأخبار المفبركة، والترويج لها بشيء من الغباء، أو من خلال الإصرار على تقديم مطلب إعادة الهيكلة قبل مؤتمر الحوار الوطني، ومن هؤلاء السيدة حورية مشهور - وزير حقوق الإنسان - التي قالت في إحدى تصريحاتها التي أدلت بها مؤخراً: «لا بد من البدء في عملية الهيكلة التي لن تأخذ أكثر من يومين، وذلك من خلال البدء في تغيير بعض القيادات الأمنية والعسكرية قبل بدء الحوار». هكذا قالت حورية مشهور، التي تكشف أن مفهوم الجيش يعني تغيير القيادات الأمنية والعسكرية، وواضح إلى ماذا ترمي من وراء هذا المفهوم «الواسع والكبير للهيكلة» في قاموسها!.. الدكتور محمد عبدالملك المتوكل - أحد شركاء حورية مشهور - قال حول قضية الهيكلة التي نجد حزب التجمع اليمني للإصلاح وبعض شركائه يتذرعون بها لإعاقة تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة، قال: «أنا ضد عملية هيكلة الجيش قبل أن تلتقي جميع الأطراف في الحوار وتتفق على الأسس وطبيعة الهيكلة المنشودة.. الحوار أولاً وعلى أن تبقى الهيكلة جزءاً من الحوار».. هكذا قال الدكتور المتوكل ويتفق معه في الرأي أيضاً الدكتور ياسين سعيد نعمان.. وهم شركاء حزب التجمع اليمني للإصلاح في ائتلاف المشترك، والذي تصر قياداته وبعض شركائه «المستقلين» على الهيكلة قبل الحوار، كما كشفت حورية مشهور!.. أليس هذا الاختلاف الدائر بين أقطاب أحزاب المشترك فيه ضياع للوقت، وقد يدفع إلى الإضرار بالتسوية السياسية والعودة إلى المربع الأول؟!.. لا نريد من قيادات المشترك التي تفتقد الثقة فيما بينها التحكم بمصير شعب ووطن، بقدر ما ينتظر منهم الشعب تحمل مسؤولياتهم التي وضعتها أمامهم المبادرة الخليجية وقبلوا بها وشاركوا في صياغة آلية تنفيذية مزمّنة يسيرون عليها لإخراج الوطن من هذه الأزمة التي نمت بفضلها السلبيات وأضرت بحياة الشعب وأنتجت الأوبئة وأعادت بعض الأمراض الفتاكة التي كنا قد تخلصنا منها إلى الظهور كمرض الحصبة التي تشير الأرقام إلى اكتشاف عشرات الحالات المصابة في تعز وأكثر من محافظة. يكفي إضراراً بهذا الشعب التواق للخروج من هذه الأزمة والعودة للعيش بأمن واستقرار وبعيداً عن كل أشكال ومسميات الصراعات التي ستقود اليمن واليمنيين إلى الاندثار والتلاشي. يكفي تنظيرات واستعراضاً للعضلات، فكل أبناء الوطن خاسرون لو اشتد الصراع وخرجت الأمور عن السيطرة. التحديات التي تواجهنا كبيرة وإن لم نفق من غيبوبتنا ونتوقف عن التأزيم فلا شك ستكون نهايتنا وخيمة. [email protected]