يوم الأربعاء الماضي فوجئنا بتطبيق القرار الحكومي الجديد المتمثل برفع سعر الديزل بنسبة 100 % وهو ما يمثل كارثة حقيقية، كونه سيضيف معاناة كبيرة إلى المعاناة التي يعانيها الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أن تعمل حكومة الوفاق على إنهاء معاناتهم أو حتى على الأقل التخفيف منها، وخصوصاً المعاناة التي تسببت فيها الأزمة السياسية المفتعلة التي بدأت ملامحها تتكشف تدريجياً منذ الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في سبتمبر 2006م ومنيت فيها أحزاب اللقاء المشترك بهزيمة ساحقة، واكتمل السيناريو المعد لها مطلع العام المنصرم 2011م، والذي كان سيودي بالوطن والشعب إلى هاوية سحيقة لولا لطف الله والتعامل الحكيم والعقلاني للقيادة السياسية مع التداعيات المؤسفة لسيناريو الأزمة الذي كان يهدف إلى الاستيلاء على السلطة عبر الانقلاب على الشرعية الدستورية والنهج الديمقراطي ومصادرة إرادة الشعب في اختيار من يحكمه عبر صناديق الاقتراع. كان المواطن ينتظر من الحكومة إعادة أسعار المشتقات النفطية إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة العام الماضي، كون الارتفاع الذي حدث لم يكن بقرار وإنما فرضته الظروف الاستثنائية حينها جراء تداعيات الأزمة والاعتداءات المتكررة على المنشآت النفطية والتي أدت إلى توقف الإنتاج من حقول النفط وعملية التصدير، ولكن للأسف فقد فوجئنا الأربعاء الماضي بقرار برفع سعر اللتر البنزين إلى مائة وخمسين ريالاً واللتر الديزل والكيروسين إلى مائة ريال. ما من شك أن رفع أسعار المشتقات النفطية وخصوصاً مادة الديزل تعد جرعة قاتلة بكل ما تعنيه الكلمة وكارثة حقيقية حلّت على المواطنين بشكل عام والمزارعين على وجه الخصوص الذين يمثل لهم قرار رفع سعر الديزل حكم إعدام للتنمية الزراعية، كونه سيتسبب في تدمير مزروعاتهم والقضاء على آمالهم وأحلامهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية. قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية كشف الوجه الحقيقي لأحزاب اللقاء المشترك وفي مقدمتهم حزب الإصلاح، وفضح زيفهم ودجلهم وادعاءاتهم الكاذبة التي ظلوا يخدعون الناس بها طوال السنوات الماضية، فقد ظلوا يشنّون حملات شعواء على المؤتمر الشعبي العام وحكومته عبر قناة الكذب (سهيل) ومنابر المساجد والصحف والمواقع الالكترونية سواء التابعة لهم أو الموالية لهم وفي التجمعات العامة والمجالس والبوفيات ووسائل المواصلات والمسيرات والمظاهرات وكان حزب الإصلاح هو من يتصدر قيادة تلك الحملات الشعواء.. ألقوا القصائد، حيث تفنّن شعراؤه بدبج القصائد الشعرية وأدباؤه في تأليف المسرحيات وفنانوه في تلحين وأداء الأغاني التي تندد بالجرع.. أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حينما كانوا خارج السلطة.. كانوا يذرفون الدموع على المواطن والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها ويعدونه بتحسن تلك الظروف ورفع المعاناة عن كاهله، ولكنهم اليوم بعد أن وصلوا إلى السلطة تنكروا لوعودهم وكشفوا عن وجوههم الحقيقية، وأكدوا أن تلك الدموع التي كانوا يذرفونها ما هي إلا دموع التماسيح وأن تلك الوعود ما كانت إلا لحشد الدعم والمساندة الجماهيرية لهم لتحقيق أهدافهم في الوصول إلى السلطة لتحقيق مصالحهم الحزبية والشخصية، وإلا بماذا نفسر هذا الصمت الرهيب والسكوت المخزي تجاه قرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية..؟! لماذا لم نسمع خطباء حزب الإصلاح على منابر المساجد وفي الساحات يوم الجمعة الماضية يزمجرون ويرعدون منددين ومستنكرين هذا القرار؟ لماذا لم تتحرك عناصرهم في مسيرات ومظاهرات حاشدة للتنديد بالقرار والمطالبة بإقالة الحكومة.. ولماذا لم نشاهد في قناة سهيل المحللين الاقتصاديين يتحدثون عن الانعكاسات الخطيرة للجرعة الجديدة على الوضع المعيشي للمواطنين وعلى المنتجات الزراعية.. ولماذا لم نقرأ في صحفهم ومواقعهم الالكترونية أية كتابات رافضة للقرار أو تحليلات اقتصادية عن الوضع الكارثي الذي سيتسبب به قرار رفع أسعار المشتقات النفطية.. ولماذا لم نسمع اعتراضات نواب حزب الإصلاح وحلفائه في البرلمان؟ فهل هذه الجرعة حلال في نظرهم؟ ماذا لو كانت حكومة الدكتور علي محمد مجور هي من اتخذت هذا القرار الجائر في العام 2010 أو حتى في العام 2011م بسبب الظروف الاستثنائية التي فرضتها الأزمة فهل كان حزب الإصلاح وحلفاؤه سيتقبلون الأمر كما تقبلوه اليوم..؟ لقد ذكّرني موقف أحزاب اللقاء المشترك وخصوصاً حزب الإصلاح تجاه قرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية بموقف قيادات الإصلاح وفي مقدمتهم شيخهم الكبير عبدالمجيد عزيز الزنداني من الارتفاعات المتسارعة للأسعار في الأعوام 90 1993م فقد كانت قيادات حزب الإصلاح تشن حملة شعواء على حكومة الائتلاف الثنائي (المؤتمر والاشتراكي) برئاسة المهندس حيدر العطاس، وكان الزنداني يحمل في جيبه بيضة، وحيث ما حلّ وارتحل لإلقاء الخطب التحريضية سواء في المساجد أو المعاهد العلمية أو في المهرجانات والمحاضرات والندوات واللقاءات التي كانوا ينظمونها كان يخرج تلك البيضة من جيبه ويزبد ويرعد ويندد ويشجب ويستنكر بشدة ارتفاع سعرها إلى ثلاثة ريالات.. وعندما جرت الانتخابات البرلمانية الأولى في ظل دولة الوحدة عام 1993م واحتلّ حزب الإصلاح المرتبة الثانية في عدد مقاعد البرلمان تم تشكيل حكومة ائتلاف ثلاثي من المؤتمر والإصلاح والاشتراكي، وتم اختيار الزنداني عضواً في مجلس الرئاسة وحدث أن الأسعار بعد الانتخابات ارتفعت بشكل جنوني ووصل سعر البيضة الواحدة إلى عشرة ريالات، ولكن الزنداني وحزبه صمتوا صمت الجبال.. وما أشبه اليوم بالبارحة؟!..