أصدر البنك الدولي مؤخرا تقريراً له حول الاقتصاد اليمني ، إلا أن تقارير البنك الدولي وكالعادة ، لا تشير إلى مكامن القوة في الاقتصاد اليمني ولا إلى مكامن الضعف التي إذا تجاوزتها اليمن يمكن أن تتجاوز أزماتها الاقتصادية . ومن خلال التقرير يبدو بأنه يوجه تحذيرات ضمنية للمسئولين اليمنيين بأن ما تمتلكه اليمن من احتياطيات نفطية لن يتجاوز المعدلات الحالية لاستخراجه والمقدرة بحوالي 270 ألف برميل يوميا خلال ما يقرب من عقد قادم من الزمن . وأشار تقرير البنك الذي صدر مؤخرا في مكتبه بصنعاء إلى أن النفط يشكل ثلث إجمالي الناتج المحلي ونحو ثلاثة أرباع الإيرادات الحكومية و90 % من الصادرات وهو خلاصة لمجمل نصائح بأن اليمن لا يجب أن يخرج عن تصنيفه كدولة من الدول الفقيرة والأقل نموا والتي هي بحاجة إلى قروض عبر هذه المؤسسة الدولية .. كما هي بحاجة إلى شفقة الدول الأخرى وعطفها وعطائها وعليها أن تشحذ همم مسئوليها فقط لتوسيع دائرة التسول . الجدير بالإشارة أن اليمن تمتلك احتياطات نفطية كبيرة على ساحل البحر العربي يقدر بضعف احتياطي دول الخليج مجتمعة ، ذلك ما أوردته مجلة أمريكية خلال الحرب التي شنها الرئيس السابق علي صالح عام 1994م على المحافظات الجنوبية والشرقية ، إلا أن الدوائر الغربية لازالت تماطل في استخراج البترول اليمني ، ربما لإرضاء بعض حلفائها في دول مجلس التعاون الخليجي . وباختصار تسعى بعض دول الخليج إلى إبقاء اليمن دولة متسولة على أبوابها وضعيفة وتابعة ذليلة ، ليس فقط من خلال الضغط على الدوائر الغربية ورشوتها في عدم كشف ثروات اليمن الحقيقية والاستفادة منها ، بل وتسعى إلى إبقاء الفساد مستشريا في اليمن ويلتهم ما يقرب من نصف الناتج الوطني لتحقيق ذلك الهدف .. كما ساهمت خلال ثلاثة عقود تكريس حكم عسكري فاسد ، لم تستفد منه سوى هذه الدول . ولسنا بحاجة إلى التأكيد بأن اليمن تمتلك موارد مادية واقتصادية كبيرة ومنها الموارد النفطية والمعدنية والزراعية والحيوانية والسمكية وأهمها على الإطلاق الموارد البشرية وهي ثروة اليمن الحقيقية والتي لو استغلت استغلالا علميا صحيحا لأصبحت اليمن من أقوى الدول اقتصاديا في المنطقة . يذكر بأن زيارة رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة لدولة قطر تأتي في إطار حشد الموارد والاستفادة من الطاقات لزحزحة لوبي الفساد وإصلاح الإدارة على ما يبدو ، وقد وصف باسندوة زيارته للدوحة بالناجحة وأعلن عن اتفاق بشأن فتح سوق العمل القطرية أمام العمالة اليمنية . وكانت وكالة الأنباء اليمنية / سبأ / الرسمية قد نقلت عن باسندوة قوله أن نقاشه مع نائب أمير قطر وولي عهده تركز على استئناف العمل في المشاريع القطرية في اليمن وتنفيذ مشاريع تنموية وخدمية جديدة وتوفير فرص عمل جديدة للعمالة اليمنية في سوق العمل القطري. وأكد أنه تم الاتفاق على بدء العمل في مدينة حمد الطبية في مدينة تعز والتي سيكلف بناؤها وتجهيزها أكثر من 200 مليون دولار بطاقة استيعابية ألف سرير، فضلا عن استكمال تنفيذ عدد من مشاريع الطرق التي توقف العمل فيها خلال الفترة الماضية وكذلك تنفيذ مشاريع جديدة في مجالات تنموية واستثمارية أخرى من شأنها استيعاب نسبة كبيرة من العمالة اليمنية . وأوضح رئيس الوزراء أنه تم الاتفاق على زيارة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى الدوحة لتنظيم عملية انتقال العمالة اليمنية وصياغة اتفاقية مشتركة بهذا الخصوص. وأشاد باسندوة بالقيادة القطرية التي قال إنها تساند الشعب اليمني لتجاوز تحديات المرحلة وفي المقدمة ما يتعلق بالتنمية وتوفير فرص العمل الواسعة أمام الشباب. وعبر عن أمله وتطلعه إلى عودة المغتربين إلى وطنهم في القريب العاجل للمساهمة في مسيرة بنائه وذلك في ظل أجواء أمنية ومحفزة لعملية البناء والاستثمار والتي قال أن حكومته ستعمل ما بوسعها من أجل تهيئة الظروف التي من شأنها التأسيس السليم لبدء مرحلة جديدة في الجمهورية اليمنية. وعلى صعيد آخر يشار بأن لجنة برلمانية أوصت بتسليم مرتبات موظفي الدولة بمن فيهم العسكريين عبر البريد من أجل تجاوز مشكلة مزدوجي الوظائف أو أولئك الذين يستلمون أكثر من راتب تصل أحيانا إلى أربعة رواتب من خزينة الدولة ، في محاولة لمكافحة الفساد ، الذي إن تم بصورة علمية صحيحة ودقيقة وفقا لخبراء اقتصاديين ، ستتمكن الحكومة من القضاء على العجز المزمن في موازنة الدولة .. ويعتقد خبراء اقتصاديون بأن وضع اليمن في التقرير الذي أورده مكتب البنك الدولي بصنعاء صحيح إلى حد ما ، إلا أن هذا الوضع ليس قدرا محتوما على اليمن واليمنيين .. فاليمنيون يستطيعون تجاوز شروط فقرهم ، إذا ما كانت هناك إرادة سياسية فاعلة وإدارة اقتصادية كفؤة تستطيع من خلال برامج إصلاحية وتصحيحية إنقاذ اليمن من عتبة الفقر والخروج بها إلى مصاف الدول النامية .. المهم هو أن يوضع حد للتدخلات الخارجية التي تسعى إلى الإضرار باليمن وإبقاءها رهينة المحبسين.