المدينة التي لن تركع    الأرصاد الجوية تحذّر من أمطار رعدية في عدة محافظات    شرطة مأرب تضبط كمية من مادة الحشيش قادمة من مناطق المليشيا    تعزيزات مرتبات شهر يونيو 2025    لقب تاريخي.. ماذا ينتظر باريس وإنريكي في أغسطس؟    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    جياع حضرموت يحرقون مستودعات هائل سعيد الاحتكارية    من المستفيد من تحسن سعر العملة الوطنية وكيف يجب التعامل مع ذلك    وادي حضرموت يغرق في الظلام وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية    فضيحة الهبوط    "الوطن غاية لا وسيلة".!    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    السامعي: تعز ليست بحاجة لشعارات مذهبية    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    أيندهوفن يتوج بلقب السوبر الهولندي    سعد بن حبريش.. النار تخلف رمادا    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    العالم مع قيام دولة فلسطينية    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    جحيم المرحلة الرابعة    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    العلامة مفتاح يحث على تكامل الجهود لاستقرار خدمة الكهرباء    في خطابه التعبوي المهم قائد الثورة : استبسال المجاهدين في غزة درس لكل الأمة    لمناقشة مستوى تنفيذ توصيات المحلس فيما يخص وزارة الدفاع ووزارة الكهرباء..لجنتا الدفاع والأمن والخدمات بمجلس النواب تعقدان اجتماعين مع ممثلي الجانب الحكومي    إعلان قضائي    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    لجنة أراضي وعقارات القوات المسلحة تسلم الهيئة العامة للأراضي سبع مناطق بأمانة العاصمة    ألغام في طريق الكرامة    مرض الفشل الكلوي (15)    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسليح الشوافع.....!
نشر في الجمهورية يوم 17 - 04 - 2012


اضحك مع آخر نكات الليبراليين الجُدد
فيما يدفع الحوثيون بمجرى الصراع إلى مصاف دولي قابل للفهم؛عبر شعار “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل..” تسعى أكثريةُ النخبة من الكُتَّاب والصحفيين اليمنيين بصورة فاضحة إلى توطين هذا الصراع في التربة المحلية والتأصيل له عبر مَذْهَبَتِه وتسليحه بأحزمة ناسفة من التأويلات الدينية المستمدة من مصحف نيوليبرالي إمبريالي مزيَّف!.
يطرح أحد الليبراليين الجُدد بنبرة ملتاعة فكرة “تسليح الشوافع”؛ فقد أضحى خيار كهذا – في رأيه – ضرورة لا حَرَجَ من المكاشفة بها إزاءَ “الخطر الحوثي الشيعي التوسُّعي المُسلَّح”، وهي ذات المخاوف المسرحية المُدَّعاة التي لطالما زَخِرت بها خطابات “صالح”؛ في مَعرِض استعداء وتعبئة محافظات الوسط والجنوب ضد صعدة خلال ست حروب عدوانية سافرة، لاتزال مستمرة اليوم كتَرِكةٍ من الثوابت والالتزامات وضَعتْها الرياض مباشرة على عاتق “تجمُّع الإصلاح” بموجب مبادرة إجهاض الثورة.
لم ينزلق إعلام الحوثي إلى وحل التراشق والسِّجال المذهبي الطائفي الذي لم تَكُفَّ محاولات استدراجه إليه، رغم عشرة أعوام من العدوان العسكري والاعتقالات والمحاكمات الجائرة، ويبدو أن انزلاقه لسجالات قذرة من هذا القبيل، أصبح – أكثر من ذي قبل – حاجة مُلِحَّة بالنسبة لسلطةٍ تريد إضفاء مسحة مصداقية على خطاب تلفيقي بذيء بات فاضح الاهتراء والهشاشة، حتى مع خضوعه لسلسلة من جراحات التجميل على أيدي نخبة من الكُتَّاب الليبراليين الجُدد المدجّجين بحداثة زائفة تطفح بفوقيةٍ مقيتة لدى تناولهم صعدة والحوثيين.
متخمين بوهم إِجالة النظر من أعلى شُرفة بين شرفات القرن الحادي والعشرين يكتبون عما يعتقدونه بقعة سحيقة ومُوغلة في البدائية اسمها صعدة!
يمكن للسُّذَّج – فقط - أن يستسلموا لضَلال الشعور بأنهم يقفون في سدرة منتهى العصر حين يقفون على سطح الطابق الأخير من بُرْجَي “المملكة أو الفيصلية” في الرياض، لكنني حين وقفتُ في المكان نفسه ذات زيارة للرياض عام 2008 شعرتُ - فقط - بحجم خِناق الصحراء الشاسع المضروب حول أحلامنا في الخلاص كيمنيين.
فيما كنت – خلال زيارتين قصيرتين لصعدة – قادراً على مشاهدة إِنسانٍ يبزغ من تحت أنقاض المنازل المُهَدَّمة وسُحُبِ رمال العدوان المتحركة والكثيفة نقياً وحقيقياً وسليم الفطرة كَزَهرةٍ بَريَّة.. إنسان يمدُّ يدين نظيفتين لعناق الآخرين خارج خناق المذاهب، فتُقابله أكثرية النخبة بمقاصل الكراهية والتشكيك والبذاءة وخبث الطويَّة!.
من صعدة – فقط – كنت قادراً على أن أرى مساحة الخارطة النفسية لبلد نَهَشَ جذام سلطة “وكلاء نجْد” معظم أطرافه وأباحوا جذْعَه للديدان.
حملتُ أضاميم شعر وحُب وتَرَكتُها تفوح وسط قاعة مكتظة بقلوب صعداوية فسيحة ومُشْرَعة للتواصل، لم يُزكم بارود الحرب أحاسيسها، ولم تنل أنياب وأظافر “البروبجندا” المذهبية الرسمية منها سوى خدوش في سبيلها للتلاشي.
ضعوا عُدَّة القتل ولباسها الكاكي الكريه جانباً واغتسلوا من “لوثة الجهاد ضد المجوس”، واذهبوا إلى صعدة متجردين من غبار الشائعات والتحريض، اذهبوا لتحرثوا برموشكم خضرة وديانها ومدرجاتها الشاسعة من ذرى “مرَّان”.
اذهبوا لتفعلوا شيئاً غير التزوُّد بِعُقَدِ “دماج” وغير الحرب، اذهبوا لتتنفَّسوا برئات غير مسكونة بالحقد، اذهبوا لتقرأوا شعراً، لا تعبروا إليها المسالك التي شَقَّتها مجنزرات “علي محسن وعلي صالح”، ولا تستعينوا بخارطة مفخَّخة رسَمَتْها خناجرهم السادِيَّة، ارسموا خارطة أخرى تخصُّكم كبشر خُلِقوا ليتعارفوا.
بإمكانكم أن تلمسوا الفارق بين خطاب إنسان صعدة المتهم بالبداوة والمذهبية وبين خطاب المتمترسين خلف مسوح الحداثة الجدران المُهَدَّمة.
يكتب الصعديون على أطلال منازلهم:”هذا الدمار حصيلة العدوان الأمريكي على اليمن..”.
فيما يؤكد إعلام السلطة أن “هذا الدمار حصيلة عدوان شافعي سنِّي تعزِّي إبِّي عدني على أقَلِّيَّتكم الزيدية الشيعية المستضعفة أيها الصعديون!”.
وعندما انفجرت سيارتان مفخختان في موكب تشييع جنازة السيد بدرالدين الحوثي، مخلفةً عشرات القتلى والجرحى، صرَّح المصدر الأمني المسؤول لأكثر من وسيلة إعلام محلية ودولية أن الحادث يأتي “على خلفية صراع شيعي – سني”، بينما أشار الحوثيون بأصابع الاتهام إلى “أمريكا وإسرائيل”.
وعوضاً عن أن تثير قَزامة وانحطاط المصدر الرسمي خجل بعض النخبة وسخطها، أثار رقيُّ وحصافة التناول الحوثي للحادث الإرهابي ضحكها وسخريتها، كما لو أن أمريكا منزهة وفوق الشبهات وما ترتكبه من جرائم علنية في أبين وأرحب يدخل في باب السياحة!.
إنه لمن المؤسف أن متاريس الفُرقة المذهبية والطائفية والمناطقية - التي كان متوقَّعاً أن تنسفها الثورة باعتبارها “المتاريس” قاعدة الحكم الصلبة لسلطة بلا مشروع و لا مشروعية – تُعاود اليوم انتشارها بوقاحة تحت مظلة الثورة وباسمها؛ مشفوعةً بتصفيق جوقةٍ لئيمة من التنابل وقارعي الأجراس وحَمَلة الشمعدانات العاملين بنظام الدفع المُسبق.
ليس خافياً أن تعزوتعز تحديداً – تتعرض اليوم لعدوان بشع في وعيها وتمدُّنِها باعتباره أثمن ما تملكه؛ عدوان تقوده جوقة مقاصل الفرز الانعزالي المتربصة بيقظة المدينة والمذعورة من قدرتها على معاودة الوثب صوب أُفق يليق بها ويُمثِّل مضمار فاعليتها الرَّحب.
أنجزت آلة العدوان العسكري هدفها في تعز بتمكين البَرَص الجهوي من الانتشار على نطاق أوسع من ذي قبل باسم “الدفاع عن المدينة”، ثم سلَّمت الراية لعدوان إعلامي تبرز صحيفة “الجمهورية” كرافعة رئيسة فيه، بعد أن أشرعت كواليسها وصفحاتها “لعكفة آل الأحمر” وتحولت إلى ثكنة متقدمة للفرقة الأولى مدرع، باسم الثورة.
كانت تعز قد وضعت أقدامها في “11فبراير” العام الفائت على الدرب الصواب المُؤدي إلى أحلامها؛ درب النضال في سبيل مشروع الدولة المدنية، وللانحراف بها عن هذا المسار عَمِلت السلطة على عسكَرَة المدينة جهوياً وامتداداً للسيناريو القبيح ذاته، تجري اليوم مَذْهَبَتُها ودفْعُها للانتحار خارج نطاق فاعليتها، وفي معركة ليست معركتها.
إن خرافة “تشييع تعز” هي الذريعة الهشة والبعبع الذي يرفعه جوقة مقاصل الفرز الانعزالي لتبرير خنق المدينة في خانة “شافعيتها” كبديل “لمواطنتها”، وحثها على الانخراط في حظائر “وكلاء نجْد” كوقود بشري مجاني لحروبهم القذرة ضد البلد بأسْرِه شمالاً ووسطاً وجنوباً...وضد فُرَصِ نهوضه المُهَدِّدَة لملوك البترودولار.
ا جدال في أن النظام السعودي كان في كل المراحل التاريخية، ولايزال بلدوزر الدهس الممنهج والمُوَجَّه أمريكياً ضد أحلام اليمنيين في دولة حديثة تتمتع بِنِدِّيةٍ إزاء الجوار النفطي؛ دولة تمتلك القدرة على إدارة طاقاتها وتسخيرها للنهوض بمعزل عن الارتهان لقَطَّارةِ المعونات الخليجية المُهينة لسيادتها ولآدمية شعبها!.
لا أتصور أن ثورة عربية حقيقية يمكن أن تربطها علاقة وئام مع توابع الإدارة الأمريكية في المنطقة، إلا في حال لم تكن ثورة بالأساس أو كان هذا الوئام تكتيكياً لا أكثر..!
كانت هذه الرؤية إزاء أمريكا وتوابعها هي رؤية اليسار والقوميين، حتى زمنٍ قريب، ولا أظن أن شيئاً جوهرياً تَغيَّر، بحيث يدعو لمراجعتها والانقلاب عليها كلياً، عدا أن قيادة هذين التيارين صار حِسُّها مُرهفاً لدرجة الضِّيق بشعار يُناصب أمريكا العداء داخل الثوابت القومية والثقافية ذاتها، وفي موازاة ذلك لا يتحرَّج بعض المحسوبين على التيارين الآنفين من الدعوة “لتسليح الشوافع”.
تسليحهم؟!.. ضد من ؟!..ضد صعدة اليمنية؟ أم ضد إيران المسلحة نووياً؟! رغم أنوف الخُوار والعجز العربي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.