ينتظر اليمنيون بكافة فئاتهم وشرائحهم ومختلف قواهم الوطنية انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل بفارغ الصبر وبشوق كبير وأمل أكبر .. حيث يتوقع الجميع أن يُمثلوا على طاولة الحوار وألا يُستثنى أحد من المشاركة ، وأن تطرح مختلف الرؤى الوطنية والمعالجات لكافة مشكلات الوطن الغالي بشفافية وصراحة ووضوح ونبل مقاصد ومشاعر .. ويفترض أن يكون أساس كافة الرؤى والمعالجات الحرص على مبدأ المصلحة الوطنية العليا ليمن الكرامة والحكمة ، موطن الشعب اليمني الصبور الحر .. والكل أمل ورجاء أن تكون نتائج الحوار مثمرة وناجحة ، وتحقق الأهداف المرجوة ، إذا ما سبق هذا الحوار المنتظر حسن النوايا والمصداقية في الأقوال والأفعال ، والقبول بالرأي والرأي الآخر .. بحيث يتم الفصل بين الشراكة الوطنية الفاعلة وبين المصالح الحزبية أو الذاتية ، أو الانتماءات أياً كان نوعها مذهبية أو طائفية أو قبلية أو مناطقية حتى لا يقع الوطن في أتون الصراعات السياسية غير المجدية التي تجر الجميع إلى المزيد من الخلافات ، والتي تنتهي عادة بتعرض الوطن وأبنائه لأفدح الأضرار والخسائر. بالإضافة إلى ضرورة الإقلاع عن ثقافة الإقصاء والتجهيل للأطراف المعنية المشاركة بالحوار ، وعدم فرض الشروط المسبقة دون حدود لإجراء الحوار ، وحتى لا يكون ذلك عائقاً يعرقل المساعي الصادقة لتوحيد الرؤى الوطنية ، وتقريب وجهات النظر .. ولكي تعبر سفينة اليمن بسلام إلى شاطئ الأمان ، على الأحزاب السياسية التي لها ثقل بيّن على الساحة اليمنية أن تدرك أهمية استيعاب المفهوم الحقيقي الواقعي للشراكة الوطنية ، بعيداً عن الأنانية وفرض سياسة أو فكر حزب أو جماعة على أي حزب أو طرف محاور .. والأصح – دون شك – هو أن تسعى جميع القوى الوطنية بمختلف توجهاتها إلى تكوين رؤية وطنية موحدة تتبناها وتلتزم بها كافة الأطراف ليتم من خلالها معالجة كل توتر .. واعتبارها أساساً لحل المشكلات والقضايا ، ومنطلقاً لبناء الدولة اليمنية التي ينشدها اليمنيون ، ليسعدوا بتحقيق الأمن والاستقرار والمواطنة المتساوية والعدالة ، وبتحقيق التنمية الشاملة ، والخروج من نفق البؤس والفقر الجائر .. فلم يعد في الوضع الراهن متسع من الوقت لاستمرار العبث والمكايدات السياسية والمقامرة بأرواح أبناء اليمن ومصالحهم ، فمتى تصحو العقول والضمائر ..؟! ومتى يفعل دور القيادات السياسية والأمنية الوطنية المخلصة ، وكافة العقلاء من الوطنيين المخلصين لوضع حد للانفلات الأمني الذي أسفر عن سقوط ضحايا عديدة وما تزال عدواه تنتقل من منطقة إلى أخرى وتنتشر ..؟! وهل حان الوقت لإنقاذ الاقتصاد الوطني من حالته المتدهورة التي لا تسر ..؟ حقيقة لا يكفي ادعاء الوطنية بالأقوال التي لا تترجم إلى أفعال ، ولا يمكن إقناع الشعب بالشعارات والخطب الرنانة دون أن تُحول إلى تغيير واقعي يلمسه كل فرد في الوطن بشكل حقيقي مثمر .. فالكثير مما قيل ويقال ما يزال حبراً على ورق ، وأمل كل اليمنيين المبادرة بعقد مؤتمر الحوار الوطني الذي يمكن من خلاله وضع الأسس السليمة لتحقيق حلمهم الذي انتظروه طويلاً بحياة كريمة ، على أن يكون حواراً لتحقيق المصلحة العامة للوطن والشعب لا حواراً للتقاسم وتحقيق المصالح الحزبية .. حوار يؤكد ويتبنى مبدأ القضاء على الفساد ، وبناء الدولة المدنية التي ستحقق لهم الأمن والاستقرار والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات الوطنية والإنسانية .. ولا شك أن أول خطوة على هذا الطريق هي وضع التدابير الأمنية اللازمة لعودة السيطرة الأمنية .. وتفعيل الدور المركزي للحكومة على كافة ربوع الوطن ، وإيقاف المستغلين لحالة الفوضى عند حدهم بكافة الطرق المنطقية والقانونية .. وتلك هي القضية . [email protected]