ثمة قرارات رئاسية مازالت تتشكل في الأفق لايجب أن تتأخر كثيراً, كل المبررات الموضوعية والتاريخية والوطنية تستدعي اتخاذها وتفعيلها بصورة مستعجلة لاتقبل التسويف أو الانتظار الطويل، حتى لايستفحل المرض وتعم الكارثة وتزداد الأمور سوءاً. إن الانقسام الذي أحدثه زلزال الربيع اليمني في عمق التكتل الأسري والقبلي والمناطقي قد أفرغه من محتواه ونفوذه وقدرته, غيّر وبدل في أركان ومحاور وقواعد الحكم وأخلاقيات ومعايير السلطة, الأمر الذي دفع ببعضهم إلى التمترس خلف مسميات ومجاميع ووحدات من الجيش وميليشيات مسلحة وبلاطجة القبيلة، فقد كان له الأثر البالغ والكبير في خلق التشظي والصراع داخل المؤسسة العسكرية التي ينبغي لها أن تبقى بعيدة عن أي صراع حزبي أو تنافس سلطوي أو جنون قبلي لايخدم اليمن الأرض والإنسان. ثورة التغيير كشفت الغطاء, أخرجت الكثير من الوجوه المخبأة خلف الأقنعة والألوان والطواحين الإعلامية, سلطت الأضواء على مفاصل الحياة وضعف الدولة وهشاشة المؤسسات التي تحولت مع مرور الأيام إلى ملك لاينافس ونصيب مقتطع وحق لايُتدخل في شؤونه أو يحاسب عليه أو يُقترب منه أو يسيره غيره أو يحكمه سواه. الأئمة الجدد ذكرونا بأئمة الأمس القريب, صرنا نترحم عليهم, المقارنات الموضوعية والمنطقية بين أئمة اليوم وأئمة الأمس لاتلتقي أبداً, شتان بين الصورتين, أئمة الأمس كانت الدولة في عرفهم كرامة ومنعة وهيبة وخزينتها أمانة لاتستباح من قريب أو بعيد, الوطن وجود حضاري وتاريخي وجغرافي وإنساني لايفرط فيه أو يتنازل عنه، برغم الظروف وشحة الإمكانيات واحتدام الصراع الدولي والإقليمي، لم نجد أن أئمة الأمس قد تحولوا إلى تجار أراضٍ وناهبين للمال العام أو أنهم اقتطعوا لأقاربهم عروشاً وجيوشاً يستقوون بها على الشعب وليّ نعمتهم, حتى إن البدر وهو ولي العهد بعد أبيه آمن أن الثورة غيرت الإنسان والحياة والمرحلة والمسميات ونظام الحكم، فقرر الرحيل إلى البعيد, ترك اليمنيين يشكلون حياتهم كيفما يشاؤون بدون تدخل أو وصاية. القرارات التي اُتخذت أو التي تنتظر اللحظة ستكون العلاج الآمن للمتاعب وأداة الحسم المطلوبة للإشكالات، لامحالة بأنها ستغلق منافذ الفتنة والاستقواء البشع والتمترس الكاذب خلف الأوهام والمسميات الهشة, إنها خطوات ضرورية لاستعادة هيبة الدولة ومكانة المواطن اليمني في خارطة المسؤولين واهتمام المؤسسات، ومكانة وموقع المؤسسة العسكرية والأمنية في البعد الوطني وأهداف ومقاصد الثورة. إن بقاء الانقسام في المؤسسة العسكرية على ماهو عليه عمل لايخدم اليمن ولايساعد اليمنيين على الحياة الكريمة الآمنة المستقرة بل هو مدعاة للعنف وبوابة للتشرذم. ثورة التغيير تمتلك القوة والقدرة والدولة على الممانعة والمدافعة, لاتحتاج إلى الحماية أو الوصاية من أي طرف كان, إن مبرر وجودهم في مفاصل الثورة واقتطاعهم وحدات من الجيش أو تربعهم على قيادة الفرقة أو الحرس أو الأمن المركزي أو القومي أو السياسي قد تلاشى وأصبح تغييرهم ضرورة وطنية لسد الذرائع ووقف نزيف الدم وأعاصير الفوضى [email protected]