نصف قرن من عمر الثورة اليمنية، ملحمة طويلة سَجّلت تاريخ شعب، حفرت آمال الإنسان اليمني في جدار الزمن، أوقفت جزءاً يسيراً من معاناة وطن بأكمله.. شعب نصفه تجلده سياط الأئمة ونصفه الآخر تغتاله رصاصات المحتل، في الشمال تستند الإمامة إلى الحق الإلهي والنزعة السُلالية في السيطرة على الإنسان اليمني واستغلاله وسحقه وإذلاله، وفي الجنوب يستند الاحتلال إلى حق الوصاية على الشعوب، والتدافع الحضاري الذي لا ينتظر أحداً أوقفه عجزه وضعفه وأعاقه عن الحياة خوفه وتبلده. وطن نصفه معتل ونصفه الآخر محتل، أوجاع تنتابه من كل اتجاه، أنين السجون وصرخات المظلومين وبكاء الثكالى وصورة الجلاد وتمثال السياف وأصنام موزعة على خارطة اليمن من أقصاه إلى أقصاه هي كل ثروة الوطن وعدة المواطن والزمن. شهداؤنا الأبطال في شمال الوطن وجنوبه رسموا أعظم لوحة للمحبة وكتبوا أنشودة الحياة لوطن مازال يعشق الحياة ويبحث عن الأحبة، جهاد متواصل من اللحظة الأولى للثورة وحتى استكمال وتحقيق أهداف ومؤسسات الدولة. منجزات لا أحد يستطيع إنكارها، باتت تلك المنجزات العظيمة التي هي ثمرة من ثمار الثورة بحاجة ماسة للإنسان المؤمن بأن الثورة منهج تغيير وتربية وإعداد، إلتزام وحب وتفان وتضحية، شعور دائم بالمسئولية تجاه كل شجرة وحجرة وإنسان، الثورة طريقنا لبناء الانسان الذي يتحول إلى أعظم منجز، أهم مشروع في الوطن بناء واعداد الانسان الواعي لدوره وأهميته وضرورة تطوره ونهوضه. الثورة طريقنا إلى الدولة، إلى مؤسسات وطنية تضيف كل يوم جديداً، تعلم الجاهل، وتعالج المريض، تخطط للغد، تبني اليوم وتحافظ عليه، تستبدل البندقية بالقلم وأدوات الزراعة والبناء والابداع، شعارها (إن الحياة عقيدة وحب وعمل وتضحية). فشهداؤنا الأبرار سلمونا راية الثورة وبرنامج الدولة أمانة لابد أن نحافظ عليها، لانتركها للعبث والسخرية واللامبالاة والارتزاق والمحسوبية والفساد والسلب والنهب والتخريب المتعمد. طريقنا إلى الدولة تبدأ من نقطة الايمان بالثورة منهج بناء وتنمية ونهوض، طريقنا إلى الدولة تعني إعادة تربية وتوعية الإنسان ليكون قاعدة النهوض والتنمية والمحافظ والمدافع عن منجزاتها، المراقب لبرامجها وخططها، المحاسب لكل من يحاول إعاقتها أو العبث بها ونهب طاقتها. لشهدائنا الأبرار عهد قطعناه على أنفسنا جيلاً بعد جيل أن ننتقل باليمن من الأمس إلى اليوم ومن اليوم إلى الغد ومن حكم الفرد إلى دولة المؤسسات ومن حكم الاستبداد إلى الحكم الديمقراطي الحر، ومن القبيلة والأسرة إلى الدولة ومن الفقر إلى الرخاء ومن الاستجداء إلى الاكتفاء والاستغناء عن الغير، ومن الفوضى إلى النظام، ومن العشوائية إلى التخطيط، ومن الارتجال والوسطاء إلى القانون وهيبة الدولة ونفوذها، حتى لايأتي يوم نتساءل فيه بهمس ووجع (ضد من ثرنا)؟؟ [email protected]