لم يحدث أن تكدست القمامة في مدينة تعز بكل أنواعها بمثل تلك الصورة التي حدثت خلال العام المنصرم والربع الأول من العام الحالي، فأكوام القمامة ذات الطابع السياسي التخريبي كادت خلال الأيام المنصرمة تلتهم كل شيء جميل في مدينتا الباسلة والمقاومة بعد أن أغرقت العديد من الشوارع الرئيسية وشوّهت الكثير من الأرصفة والجزر المختلفة وسط صمت معيب لكل المعنيين في السلطة المحلية في المجلس المحلي للمحافظة والمجالس المحلية لمديريات المدينة “المظفر القاهرة صالة”. وإزاء ذلك الانتشار والتكدس المخيف لأطنان الفضلات والنفايات المختلفة ترسخت قناعات السواد الأعظم من قاطني المدينة الحالمة بأن ما يحدث لمدينتهم الحبيبة ماهو إلا نوع من أنواع العقاب الجماعي لأبنائها الذين ناصروا الثورة وأيدوا انطلاقتها منذ اللحظات الأولى في ال11 من فبراير من العام المنصرم 2011م بعد أن أخفقت محاولاتهم القمعية عبر ذلكم القصف الجائر بمختلف الأسلحة الثقيلة لمعظم أحيائها في تحقيق أهدافهم المنافية لكل القيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية. واليوم وبعد أن تكبدت مدينتا كل صنوف القتل والتنكيل والتآمر بهدف القضاء على مقوماتها الثورية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية هاهي تشمخ من جديد كما هو ديدنها منذ أمد بعيد، هاهي اليوم تقف بكل شموخ وإباء على طريق التخلص من أدرانها الصحية والبيئية وبنفس الجدارة التي واجهت بها مجمل الأدران السياسية لأرباب النفوس المريضة بعد أن اصطدمت كل محاولاتهم اليائسة بصمودها الأسطوري وبصمود وصلابة كل الثائرين والثائرات من أبنائها الميامين. ولعلي أيها القارئ قد لا أبالغ إن قلت بأن الحملة الخاصة بالنظافة الشاملة لمدينة تعز والتي دعا إليها ونفذها محافظنا الرائع شوقي أحمد هائل سعيد بمشاركة أكثر من 3500 شاب وشابة على مدى ثلاثة أشهر وبمشاركة فاعلة من الجهات المسئولة ذات العلاقة تعد وبحق نقطة التحول الحقيقي للوصول إلى الإصحاح البيئي الذي ننشده جميعاً.. ولاشك بأن هذه اللفتة الكريمة من قبل الهائل شوقي قد عكست ما يتمتع به من إلمام جم بأهم الأولويات التي تتصدر مجمل الأماني والطموحات لكل أبناء المدينة وأبناء المحافظة كافة. وهنا قد يقول قائل بأن مثل هكذا مهام هي من صميم المهام والواجبات الملحة للمحافظ ولأي محافظ آخر، ولهؤلاء أقول بأن المحافظ شوقي لو لم يكن مستشعراً لواجباته ولو لم يكن عاشقاً لتعز التي أحبته وأحبها لكان تخلى عن إنقاذها من كارثة بيئية محققة حينما تخلى عنها أرباب القرار على مرأى ومسمع من الجميع. وعموماً نظافة مدينتا الساحرة والباسمة إن شاء الله ليست من مهام المحافظ شوقي فحسب ولا من مهام القنوات المسئولة فقط، بل هي مهام وطنية ينبغي أن يضطلع بها كل فرد في المجتمع ولكي يتحقق هذا الهدف الحلم ويترسخ في كل الأوساط المجتمعية كسلوك حضاري تفخر به محافظتنا الأبية والرائدة لابد أن تتزامن هذه الحملة المستمرة على مدى ثلاثة أشهر مع حملة توعوية مكثفة ومدروسة، فالتخلص من القمامة والفضلات يعني التخلص من كل بؤر التوالد والانتشار لكل أنواع الحشرات الناقلة لعديد الأمراض الفتاكة والقاتلة وفي مقدمتها الذباب الذي يجد في أكوام القمامة ملاذه الآمن للتوالد والتكاثر، ومن ثم الانطلاق وسط مناخات ملائمة لنقل العدوى من المرضى إلى الأصحاء كنقله للكوليرا التيفود الباراتايفود السل التراخوما الإسهالات وغيرها من الأمراض التي تحصد الأرواح البشرية هنا وهناك. وهنا أجدها فرصة موائمة لأن أطالب المحافظ بأن يتبنى وعلى وجه السرعة تنفيذ حملة عاجلة للقضاء على البعوض عبر التعقير والرش الرذاذي ذي الأثر الباقي وبالتعاون والتنسيق مع البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا.. وحبذا لو تزامنت هذه الحملة مع حلول ناجعة والتنسيق لمشكلة المياه التي بات غيابها لأشهر وأسابيع من أهم مسببات الانتشار للبعوض الناقل لحمى الضنك الأيدسى والذي دنا موعده وموعد الأنوفلس الناقل للملاريا.. وكان الله في عون الجميع وهو من راء القصد.