خرج الشعب اليمني إلى الشوارع والساحات مؤمناً بعدالة قضاياه ونبل مطالبه وحقوقه في ثورة شعبية سلمية، ينشد الحرية والتغيير.. ويريد أن يحيا على تراب هذا الوطن حياة شريفة وكريمة تقيه ذلّ الفقر والحاجة، وسوء الخدمات وهموم الحياة. خرج ثائراً رافضاً حياة الذل والخوف، والظلم والاستبداد، ويعلم يقيناً أن ضريبة الحرية والتغيير ستكون باهظة ومكلفة فكان أن قدم الشعب اليمني خيرة أبنائه، وأنبل وأطهر شبابه قرابين فداء في مسيرة الثورة والتغيير، والتحرر من ربقة الفرد والأسرة، التي أوغلت في جسد الوطن نهباً وقمعاً وضياعاً لمقدرات البلد وخيراته. خرج الشعب آملاً بحدوث التغيير المنشود في شتى جوانب الحياة يريد التغيير الحقيقي، ويريد أن يلمسه على أرض الواقع حقيقة وواقعاً معاشاً في حياته اليومية، ومتطلباته الضرورية والخدمية.. فالمواطن البسيط والغلبان وكلنا بسطاء وغلابا لا يهمه أمر الحكم ولا شكل الحاكم ونظام حكمه “برلماني رئاسي مختلط” ولا يفقه كثيراً في السياسة وآلاعيب الساسة وما يجري وراء الكواليس وغرف اللقاءات المغلقة، حتى وإن كان الشعب اليمني هذه الأيام سياسياً ومتسيساً بامتياز.. لا يهمه اليوم ولا يعنيه بقدر ما يهمه بصورة ماسة وأهم أمر “كيس القمح، والدقيق، والأرز، والسكر، وقنينة الغاز، وعلب السمن، والحليب” كيف يوفرها لأسرته ولمن يعول وباقي متطلبات معيشته اليومية.. نقصاً أو زيادة هذا ما يفكر فيه المواطن.. يؤلمه ويقصم ظهره ارتفاع الأسعار.. ويسعد بانخفاضها يهمه استعادة الأمن والاستقرار.. وتحسين الخدمات الأساسية من مياه متوفرة، وكهرباء دون انقطاعات.. وصحة وتعليم والأهم قبل كل هذا الجانب المعيشي اليومي الهم المؤرق له ليلاً ونهاراً. سُعد الناس كثيراً بمجيء حكومة الوفاق، وعلقوا عليها الآمال والأحلام في انتشالهم من رصيف البطالة وأعماق الفقر والحاجة.. وغلاء الأسعار. إلا أن شيئاً من ذلك التغيير الملموس لم يلمسونه في حياتهم.. وهذا ما يستدعي من حكومة الوفاق أن تضع الأولوية الهامة والضرورية الآن لبرنامجها هو الجانب المعيشي المتعلق بحياة المواطن... ثم يأتي بعد ذلك الجانب الأمني وإن كان لا يقل أهمية عن الجانب المعيشي والخدمي.. يا حكومة الوفاق.. المواطن إلى الآن لم يلمس التغيير في تخفيض أسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية.. بل لمس ارتفاعاً في الديزل والبترول.. وانفلاتاً أمنياً مرعباً وحتى بدأ البعض يتذمر ويصاب بالإحباط وفقدان الثقة بالتغيير وقدرة الحكومة على إحداث تقدم ورضا واستقرار.. وأخشى أن يأتي يوم يلعن فيه البعض الثورة وشباب الثورة.. وينحرفون رأساً على عقب، لأن النخب السياسية وقيادات الثورة وحكومة الوفاق لم توفر لهم فرص عمل، وحياة حرة كريمة، في ظل دولة نظام وقانون وأمن واستقرار يا حكومة الوفاق أشعروا الناس بحقيقة التغيير لا نريد إطلاق الوعود والآمال والأقوال.. نريد الأفعال هي من تتكلم عن نفسها لا تستهينوا بأقوات المواطنين، وتضيقوا عليهم في معيشتهم وأرزاقهم.. فلقد تفاجأوا بثورة الجياع تقتلعكم من كراسيكم كما اقتلعت ثورة الحرية عرش الظلم والاستبداد. اخرجوا يا وفاق إلى الشوارع والمدن والمحافظات وتلمسوا هموم الناس واحتياجاتهم ومشاكلهم.. ومثلما نزل “باسندوة” وبعض الوزراء إلى شوارع صنعاء لينظفوا القمامة والمخلفات يجب أن ينزلوا إلى المدن والمحافظات ليعايشوا هموم الناس عن قرب ولا يظلوا فقط في صنعاء.. انزلوا إلى القرى والأرياف لتشعروا بآهات الفقراء وأنين المظلومين والمقهورين.. ولتشاهدوا قلوب البؤساء وهي تتفطر فقراً وآلاماً وإهمالاً.. في القرى والأرياف ستجدون الفقر والجهل والمرض ما زال يخيم هناك.. تفقدوا أحوال الكادحين والعمال “الشقاة” وابحثوا عنهم في الأرصفة والجولات، وساعدوهم على توفير لقمة عيش شريفة.. وضحوا للشعب حقيقة ما يجري على الأرض.. حرب في أبين انفلات أمني مرعب، تدمير وتخريب لأبراج الكهرباء غلاء في الأسعار.. نهب مخازن السلاح.. أغلق مطار صنعاء الدولي في وجه الملاحة الدولية.. تمرد على قرارات الشرعية الثورية الدستورية.. “200”جندي في “دوفس” أبين قضوا في عمل وخشي من أنصار الشريعة والآن “73” أسيراً تحت رحمة هؤلاء الأنصار “الأشرار”.. كل هذا يحدث يا حكومة الوفاق دون توضيح أو تبيان لما يحصل ودون مكاشفة للشعب.. والأمر دون حساب أو عقاب.. لماذا هذا الصمت والسكون.. لماذا لا يكون لدى الحكومة مؤتمر صحفي أسبوعي توضح وتبين للشعب ما تم إنجازه.. وما هي العقبات والعوائق.. ومن هو الطرف الذي يعرقل تنفيذ المبادرة الخليجية؟! وإلى متى سيظل “جمال بن عمر”حكماً “يفرع” بيننا عند قرب الصدام؟! ياحكومة الوفاق.. انزلوا إلى الشعب واعملوا من أجل الشعب.. وادخلوا في هموم الشعب.. وقفوا مع الشعب وثقوا بالشعب وحده واهتفوا للشعب.. لأن الشعب أولى من يُجل.. لا أن يذل.