إن مصطلح الجمهورية لم يحظ بالدراسة الكافية مقارنة بمصطلحات (السياسة) و(الدولة) و(الديمقراطية) و(السلطة) و(الأمة) وغيرها من المصطلحات القانونية والسياسية. ومن المفارقات أن قلة الدراسات حول تحديد مفهوم الجمهورية يقابله كثرة استعمال هذا المصطلح في العصر الحديث، فعدد من الأنظمة غير الملكية تعتبر نفسها جمهورية، والحال أنه ليس لها من ذلك سوى تسميتها؛ لأن الجمهورية ليست تصنيفاً لنظام الحكم في دولة ما، بقدر ما هي مبادئ وقيم وسلوك وثقافة. وتاريخياً، حلت الجمهورية في روما محل الملكية سنة 509 قبل الميلاد. ويقول جاك اللول في كتابه (تاريخ المؤسسات): إن الجمهورية تعني أمر الشعب، وهو ما يعني أن مفهوم الجمهورية هو (نقيض الحكم المطلق). وقد انطوى مفهوم الجمهورية عبر التاريخ على ثلاثة معان: مصطلح الجمهورية في معناه الواسع هو مرادف لمصطلح الدولة، وهو مصطلح فيه تميّز للدولة عن غيرها من التنظيمات أو المجموعات السياسية الأخرى، وهو المعنى الذي أورده (جون جاك روسو) الذي اعتبر أن الجمهورية هي كل دولة تؤسس بقوانين. ووفق مفهومه الضيق، يدل مصطلح (الجمهورية) على شكل معين لتنظيم الدولة يختلف عن الاستبداد والشمولية بدون أن يكون بالضرورة مرادفاً للديمقراطية. وفي مفهومه الأدق، فإن مصطلح (الجمهورية) يعني انتخاب رئيس الدولة، وبذلك تختلف الجمهورية عن الملكية. وهكذا فإن الجمهورية هي النظام الذي يلغي كل توريث للحكم، فهي ليست الملكية ولا الإمبراطورية، ويقول أحد المفكرين في هذا المعنى: (عندما يكون رئيس الدولة وريثاً، تكون الحكومة ملكية، وعندما لا يكون وريثاً تكون الحكومة جمهورية). ويرى مفكر آخر أن الجمهورية هي النظام الذي يقصي كل توريث للسلطة. وهكذا يفرق علماء السياسة وفقهاء القانون الدستوري بين الجمهورية والملكية، فإذا كانت الملكية تتميز بتوريث الحكم فإن الجمهورية تتميز بانتخاب رئيس الدولة، لذلك فهي تعتبر أرقى أشكال الحكم. أما في اللغة العربية فإن الجمهورية مشتقة من فعل (جمهر) وجمهر الشيء جمعه. فلفظ (الجمهورية) يعني العدد الكبير من الناس، وهو بذلك يختلف مع فكرة (الصفوة) ودخل لفظ (الجمهورية) في اللغة العربية عن طريق اللغة التركية. [email protected]