يطل علينا مايو هذا العام بما يحمل من ذكرى وطنية خالدة ومخلدة في قلوب الاجيال وذاكرة الشعب اليمني العظيم , ألا وهي إعادة تحقيق وحدته المجيدة في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م , يأتي مايو هذا العام بعد 22 عاما من عمر الوحدة اليمنية والوطن يمر في ظروف صعبة ومرحلة حرجة للغاية ألمت به جراء الأزمة السياسية التي عصفت في البلاد وكادت تفجر حرباً أهلية طاحنة لولا عناية الرب الرحيم ولطفه وعفوه في البلاد والعباد. يطل مايو بذكراه الوطنية الخالدة هذا العام وقد تجاوز اليمن شبح الحرب الأهلية وقطع شوطا مهما في تنفيذ اتفاق التسوية السياسية التي بمقتضاها ستدخل القوى السياسية والوطنية كافة ودون استثناء في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب قريبا لطرح كافة الاشكالات والقضايا الوطنية بشفافية لمناقشتها ودراستها من قبل الجميع ومعالجتها بشكل يرضي جميع الاطراف السياسية والقوى الوطنية وبما يحفظ أمن اليمن واستقراره ووحدته الوطنية. جاء مايو هذه المرة والجميع مستعد للبهجة والفرحة والاحتفال بذكراه الوطنية الوحدوية العطرة لكن سفاكي الدماء وأرباب الارهاب الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد أبوا إلا ان يجعلوا من هذه المناسبة الوطنية الغالية والذكرى الوحدوية المجيدة حزنا يخيم على جميع اليمنيين ومأساة وفاجعة لمئات الأسر اليمنية الذين فقدوا ابناءهم في الاعتداء الاجرامي الارهابي الذي استهدف الجنود في ميدان السبعين وهم يشاركون في عرض عسكري تجريبي راح ضحيته 100 شهيد ومئات الجرحى , ومن المحتمل ان يزداد عدد الشهداء حسب توقعات بعض المصادر. وعلى أية حال لا يمكن تفهم مثل هذا العمل الاجرامي مهما كانت الدوافع والأسباب لدى من خطط ونفذ هذه الجريمة البشعة بحق الجنود الابرياء وأقدم على قتلهم بدم بارد وبتفجير مرعب ووحشي لا يقره دين ولا عرف ولا ضمير , الامر الذي يحير كل ذي لب من المستوى الاجرامي البشع الذي وصلت اليه تلك الانفس من وحشية منقطعة النظير وكأنها تلذذ في ازهاق الارواح البشرية ومشاهد الدم المسفوح غدرا وظلما وأشلاء الجنود المتناثرة جراء ذلك التفجير الارهابي البشع.. ان مايو هذه المرة ورغم الجراح والآلام جاء ليخاطب دعاة الانفصال والتشطير والتقسيم والشرذمة سواء عن طريق الدعوة المباشرة للانفصال من خلال ما يسمونه فك الارتباط أو من خلال الدعوة الى اقليمين من شمال وجنوب كمقدمة تمهيدية للانفصال والعودة الى عهود التشطير , نقول لكل هؤلاء ان مايو جاء ليخاطبكم ويقول ان عقارب الساعة لا تعود الى الوراء وان الفدرالية التي تتذرعون بها لم توجد في الفقه السياسي العالمي كفكرة لتقسيم الدول الموحدة وإنما على العكس وجدت الفدرالية كوسيلة لتوحيد دويلات او اقاليم معينة في دولة اتحادية واحدة , جاء مايو هذه المرة ليخاطبكم يا دعاة الفدرالية ويطالبكم ان تفهموا حقيقة الفدرالية كما هي في العالم كله , فهي من وحدت الولاياتالمتحدةالامريكية , وهي من وحدت الهند والإمارات العربية المتحدة , فلماذا تريدون تفتيت اليمن الموحد من خلال ترديد الفدرالية وتطبيقها بشكل معكوس خلافا للتجارب الدولية كلها التي تبنت الفدرالية كوسيلة للتوحيد وليس العكس كما تريدون ان تصنعوا , جاء مايو ليقول للجميع ان الوحدة اليمنية ثابت وطني لا يمكن المساس به من قبل اي جهة كانت وعلى الجميع احترامها والتمسك بها كونها مصدر قوة وعزة لليمنيين جميعا. # باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]