لا ندري ما الذي أصاب بنك التسليف الزراعي والتعاوني وبصورة مفاجئة مما أدى إلى شل حركته الخدمية لدرجة لم يسبق لها مثيل، خصوصاً منذ مطلع العام الماضي وحتى اليوم. وأقصد بهذا المصاب الجلل الذي أصيبت به منظومة “CacBANK” هو تفريغ هذا البنك من مضمونه الذي أنشئ من أجله وبصورة متدرجة وصلت به في نهاية المطاف إلى ما صار عليه اليوم من حال وغربة شديدة عن أصله وأصالته وثوابته المصرفية التي ظلت إلى وقت قريب بمثابة المداميك القوية لبنيان بنك التسليف الزراعي والتعاوني الذي كان قريباً جداً من مجتمعنا اليمني بكل فئاته حتى صار في مرحلة زمنية من عمره على الساحة جزءاً من المجتمع واقتصاده وتنميته ...إلخ. وبطيافه سريعة مع “اسمه” الذي يلخص ماهيته ودوره في حياة مجتمعنا نصل إلى اكتشاف حقائق عدة كنتائج سلبية لما أصابه من داء ولم يتوافر له حتى الآن الدواء اللازم للعودة به إلى مساره الصحيح. “فالتعاوني” من معانيه الخدمية الجليلة التي كان يقوم بها البنك خاصة في دعم وتشجيع الأعمال والمشاريع والجمعيات التعاونية، وللأسف الشديد أصبح ما يقدمه “كاك بنك” في هذا الجانب شبه معدوم إن لم يكن معدوماً في كل أو معظم فروع البنك.. وهذه كانت أولى المصائب التي انحرفت بالبنك عن مساره الطبيعي، وإلى الآن لا ندري لماذا يقع مثل هذه خاصة وأن الأنشطة التعاونية في علاقتها بالبنك أثبتت في معظمها نجاحها وجني المجتمع اليمني منها الكثير من الخيرات. وحتى لا يستطيع هذا الجانب استعادة القليل من عافيته ويتنفس بصيصاً من أمل في تحريك المياه الراكدة في علاقة البنك بقطاعات العمل التعاوني المدني.. تنزّلت الكارثة على رأس “الزراعي” وهي اللفظة الحيوية في “اسم البنك” وماهي إلا صولات وجولات حتى أعلن البنك قطيعته رسمياً من كل المزارعين ليزداد الانحراف بالمنظومة أكثر عن مساره الطبيعي.. رغم أن المجتمع تقبّل أن يوسع البنك من أنشطته إلى مجالات أخرى جديدة، لكنه لم يكن يتوقع أن تكون الأسباب والحجج الواهية التي يوردونها حجة منطقية لهذا الانحراف الخطير لوظيفة ورسالة البنك الأساسية والمتمثلة في دعم العمل الزراعي والتعاوني. أما القشة التي قصمت ظهر البعير فهي “ثالثة الأثافي” التي لم يعد باقياً سوى أطلالها.. ألا وهي “التسليف” كلفظة تحتل وتشغل حيزاً مميزاً في اسم البنك، حيث ذهبت منظومة “الكاك” إلى تجفيف منابع السلف والقروض الشخصية وكثير جداً من القروض الأخرى وعملت على إيقاف كافة أنشطة هذا الجانب والتسهيلات اللازمة لها، وكأن بنك التسليف الزراعي والتعاوني قد تنكّر لهويته الأصلية تماماً أو هكذا يريد رغم أن الأسباب التي نسمعها غير منطقية في معظمها في ظل ما تتضمنه بنود عقود الإقراض من ضوابط. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم ويتردد على الكثير من عملاء البنك هو: لماذا لا يتغير اسم هذا البنك وفق خدماته التي يقدمها الآن للمجتمع؟ كخدماته في جانب القروض العقارية مثلاً؟ وإلى متى سيظل وضعه على هذا الحال رغم أن مستفيدي القروض الشخصية مثلاً تجلدهم نسبة الأرباح العالية ولكن كما يقول المثل “رضينا بالهم والهم مش راضي بنا”..؟ ثم إنه وهذا هو الأهم إذا كان السبب هو انخفاض نسبة السداد من جانب المقترضين فإنني أعتقد أن هذه المشكلة لا توجد في قطاع القروض الخاصة أو الشخصية بالموظفين مثلاً وإنما توجد لدى القروض العقارية أو ما شابه ذلك، والمشكلة أن خدمات قروض البنك لهذه الفئات مستمرة والعقاب تم تجييره للعملاء البسطاء الذين وجدوا في قروض البنك بعضاً من الحلول والمعالجات السريعة لمكايداتهم مع يوميات معيشتهم الضنكى. نأمل في مجلس إدارة بنك التسليف إعادة النظر ولو في مسألة القروض حتى وإن استمرت نسبة الأرباح كما هي عليه وكذلك نسبة أرباح الأرباح المفروضة كجزاءات متضاعفة للمتأخرين عن السداد الشهري كما هو عند الموظفين، أما أن يظل “كاك بنك” لا تسليف ولا دعم للقطاع الزراعي والتعاوني فهذه صورة لا تليق بهذا الصرح المصرفي العملاق في بلادنا.. والله المستعان من وراء القصد نسأل.