انقطاع التيار الكهربائي عن معظم محافظات الجمهورية اليمنية جراء العمليات التخريبية التي تتعرض لها خطوط الضغط العالي الممتدة من مأرب الى العاصمة صنعاء هي أكبر مشكلة يعاني منها الوطن والمواطن اليمني منذ اندلاع الأزمة السياسية وحتى يومنا هذا, فما تلبث محطة مأرب الغازية أن تعود إلى الخدمة حتى نسمع خبراً عاجلاً يفيد بخروجها عن الخدمة وانقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل ليعم الظلام الدامس أرجاء اليمن السعيد الذي لم يعد سعيداً بسبب هذه المشكلة التي جلبت له التعاسة والشقاء. إن استمرار هذه العمليات التخريبية وحرمان الشعب اليمني من التمتع والاستفادة من هذه الخدمة التي أصبحت حقاً من حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر يجعلنا جميعاً مندهشين ومذهولين من تلك العقلية الإجرامية التي تقدم على ارتكاب هذه الجريمة دون خجل أو حياء أو حتى خوف من الله عزّ وجل الذي يجازي كل نفس بما عملت من خير أو شر, حيث قال في محكم كتابه: (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) صدق الله العظيم, لذلك نقول لمن يقدم على جريمة تخريب الكهرباء وحرمان الشعب اليمني منها أنك لن تفلت من العقاب في الآخرة وهو عقاب شديد ينتظر كل من عمل شراً. إن الحياة من دون كهرباء تعني العودة إلى ما قبل عصر الصناعة أي قبل خمسة قرون وهي 500 عام بالتمام والكمال ولكم أن تتخيلوا الفارق الزمني الكبير عندما كانت البشرية تعيش حياتها البدائية في الأزمنة الغابرة قبل خمسة قرون من الزمان, فهل يستحق الشعب اليمني أن يحيا حياة تلك العصور الغابرة التي يطلقون عليها عصور الظلام ونحن في بدايات الألفية الثالثة وفي عصر التكنولوجيا والسماوات المفتوحة والأجهزة الرقمية والانترنت وغيرها من المخترعات التي لا تكاد تتوقف ولو للحظة واحدة. إن كل اليمنيين يتساءلون لماذا لم تتخذ حكومة الوفاق الوطني أي إجراء رادع ضد من يقومون بتخريب خطوط إمداد الطاقة الكهربائية في مناطق آل شبوان ونهم والجدعان ونقيل غيلان وغيرها من المناطق, كذلك يتساءل الكثير من الناس لماذا الغموض يكتنف هذا الملف بالذات ولم يتم الإفصاح عن من يقوم بعمليات التخريب وكشف الجهات أو الأطراف التي تقف وتدعم وتوجه هؤلاء المخربين, لماذا ياترى حكومة الوفاق الوطني تتستر على المجرمين الذين يدمرون مصالح الشعب والوطن ويعطلون حياة الناس. يجب أن يفهم الجميع أن عليهم مسؤولية مشتركة في حماية وصون مصالح الشعب اليمني وعلى رأسها الخدمة الكهربائية، كونها شريان الحياة ودينموها المحرك لكل النشاطات المختلفة، فحكومة الوفاق مسئولة بالدرجة الأولى وعلى عاتقها اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع عمليات التخريب مهما كلّف الثمن, لأن عمليات تخريب الكهرباء لا تقل عن أعمال الإرهاب في أبين وغيرها من المناطق الأخرى التي تقوم بها جماعة ما يسمى بأنصار الشريعة. كما أن على المجتمع اليمني مسؤولية تجاه ما يحصل للكهرباء من تخريب وتدمير, حيث يعد هذا العمل جرماً شنيعاً وعيباً ما بعده عيب في أعراف وعادات وتقاليد المجتمع اليمني وخاصة القبائل اليمنية في محافظة مأرب التي تتعرض فيها الكهرباء للتخريب والتدمير, ولذا فإن على قبائلنا في مأرب مسؤولية أكثر من غيرها في منع هذا العمل، كونه لا يمت إلى عادات تلك القبائل بصلة, كما أن على مشايخ تلك القبائل في مأرب مسؤولية أكبر كونهم أصحاب كلمة مسموعة ومطاعة ويستطيعون توجيه الناس لعمل الخير ووقف التخريب. وأخيراً فإن على وسائل الإعلام دوراً كبيراً في الحد من هذه الظاهرة الغريبة سيئة الصيت من خلال برامج التوعية الجماهيرية عبر القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف والمجلات والمنشورات وخطب الجمعة التي تعد مناسبة دينية للوعظ والإرشاد وتحبيب العمل الصالح ونبذ العمل الشرير, ولذلك يجب أن تتضافر الجهود بين وسائل الإعلام المختلفة لتجريم هذا العمل وتوعية الناس بمخاطره وما يسببه من معاناة للناس ومن أذية لا يقبل بها مسلم ولا كافر لديه أبسط القيم الإنسانية, وكذلك توعية الناس بعواقب انقطاع التيار الكهربائي وما يسببه من خسائر جسيمة للاقتصاد الوطني وبالتالي تتأثر حياة الناس سلباً جراء تخريب الكهرباء ...إلخ. باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]