أيها السارقون الحياة حياتها ، يا من حملتم أوجاعنا على محمل العد والحد ، تجمعون وتطرحون ، تقسمون وتضربون أرواح البشر كما لو أنها أرقام حسابية تحصدها صكوك صلاحكم ، وقنابل تُقاكم ، حيث شغف القتل عادةً يومية تنازعونا بها صبرنا ، وتقاسمونا بها احتمالات البقاء ...! لسنا منكم على شيء ، ولستم منا على شيء ! لن يرتقي المنطق العاثر الذي تتعممونه ، والقلوب المقفرة إنسانية التي تلتحونها ، والعقائد المنفلتة من عقال القيم والأخلاق التي تتحزمونها ، إلى سماحة ديننا ، وعدالة إسلامنا ، ورحمة نبينا ..! الإيمان رضا وقناعه التقطها اليمنيون منذُ البشارة الأولى لميلاد الدعوة المحمدية ، هذبت علاقتنا الروحية بالله ، وشذبت فهمنا للحياة ، ونظرتنا للوجود والكون من حولنا ، وهي أمور يستعصي على جماعات قادمة من مستنقعات الدم ، وكهوف الظلام ، وأوكار التخلف فهمها واستيعابها ، كما أنه من الصعب على من نصبوا أنفسهم ( أنصاراً للشريعة ) استشفاف مدلولاتها السامية التي تضعهم في موضع المخالف والخارج عن الإجماع . وإذن لن نلتقي في شيء سوى أن لعناتنا ستظل تطارد خُطاكم عقب كل مذبحة جماعية تنفذونها بحق الحياة ،بعدد كل اليتامى والأرامل والشيوخ الذين خطفتم بفعلتكم عائلهم وراعيهم ، بعدد كل العصافير الذين اغتال حقدكم حقهم في الحياة ، بعدد كل الأمنيات والطموحات التي أجهزتم عليها ذات استذئاب ... نشهر كفرنا برسالة تنتعش بدماء الأبرياء ، وتتمدد بالتهام لحوم الآمنين ، نلحدُ بالنبوءات التي تستهدف وجودنا ، وتستنزف قوانا في معاركٍ عبثية، وتقحم الوطن في دوامة الأزمات ، وحالات الحِداد الدائم .. ! نشهر كفرنا بفكرٍٍ يستضعفنا ، ويتعامل معنا كعبيد مسلوبي الإرادة والقرار ، الفكر الذي جعل الوطن مطية للطامعين والعابثين والهاربين بغيهم وضلالهم إلى (الوطن) المُباح !!! نكفر بأصولية سطت على كتب السماء ، واحتكرت حق العقاب والثواب ، وأساءت لماضي الأمة الوسط ، وشوهت حاضرها ، وفخخت مستقبلها ، ونصبت مشانق التكفير والتحريم في وجوه من لا ينتمون إلى الجماعة !! بحرارة الفقد الذي يجتاحنا ، بحرقة الآآآآه التي تعتصر أعماقنا ؛ انصرفووووا – انصرفوا قليلاً – لنلملم أشلاءنا ، نلتقطنا من أسفلت الفاجعة ، نجمع الألم المغصوبين عليه ، نحصي الحزن المُكره بنا ، نذرف الدمع على الذين (كانوا ) بعضٍاًٍ بل كلٍٍ منا ، الذين كانوا امتداداً لحلمٍٍ قديم ، ولأملٍٍ آتٍ ، نحتسي أسىٍ شفيفاً كمثل نبل بؤس من غادرونا في مجازر تعددت أسمائها لكن سفاحها واحد ومخططوها كثيرون ، وخسارتنا فيها ثابتة ومهولة الفداحة .. دعونا نكتشف العنف في تفوقه ، نتعرف على الجريمة في عنفوانها ، نشهد الموت الضالع في التوحش ، نبحث عن قلوبنا المتشظية بهول صدمةً عامة ، ووجعٍ جمعي كنا والوطن فيه مذبوحين حتى آخر منابت التنفس ، وحتى أقاصي.. أقاصي النبض .!! دعونا نبحث عن بطولتكم بين أكوام الضحايا ، نفتش عن النصر الذي لا يُبقي سواكم ، ننقب في ركام المدن والقرى عن ثمة انجاز يُذكر ..! اتركونا نرتل الآيات على جثامين من كانوا هنا دماً ، فصاروا هناك أنجُما ، نغمرهم برحمات الدعاء ، نتضرع الله لهم أن يرقدوا بسلامٍٍ آمنين ، نغطيهم بتراب موجع ، نودعهم أحضان الملائكة ترعاهم محبة وسلاماً وتحفظهم رحمة وطمأنينة ...... ثم إذا شئتم عدتم إلينا ، سوف تلقونا ممسكين على جمر صمتٍ مريب ، يغرق فيه العالم والمثقف والسياسي والمسئول والمواطن البسيط ....!! الجميع ها هنا بانتظار موتٍ يوافينا مرتين ، مرةً بمقصلة الفتاوى النافذة ، ومرةً أخرى بمقصلة ساسة يقامرون بمستقبل وطن تتقاذفه أسوأ الخيارات ، ويتاجرون بسمعة شعبٍ بائس في سوق المزايدات الرخيصة والتوظيفات الأكثر دناءة والأعظم خساسة ..! ما نزال ها هنا صدوراً عارية ، وجماجم مكشوفاًٍ عنها غطاء الدولة ، ولجان تضييع الشواهد وتمييع الحقائق ، والرصد النهائي ضد مجهول !!!