التوافقية اليمنية كانت أساساً حاسماً في الانتصار لحكمة التدخل الإقليمي والدولي، ولعبت القيادات الراشدة المُجرّبة في المؤتمر الشعبي العام دوراً محموداً في هذا الجانب، قابضةً على جمرة المنطق والحكمة، رغماً عن المتاعب والمصاعب؛ وجاءت حكومة الوفاق الوطني لتُعبر أيضاً عن هذا المعنى، فيما تواصلت الشرعية الجديدة الناجزة بالانتخابات الرئاسية التوافقية التي أسفرتْ عن تعزيز معنوي كبير لصالح الرئيس عبد ربه منصور هادي، بوصفه فرس الرهان الفتيْ للمرحلة الإنتقالية، وبهذا نال نسبة عالية من الأصوات، في إشارة دالة على أن اليمانيين يتوقون إلى عهد جديد، ومستقبل أفضل. * * * رصد المؤلف الأستاذ صالح القاضي هذه التطورات بمنهج تسجيلي يومي، مُسيّج بقدر واضح من الإنتقاءات اللماحة، والإختيارات المُتّصلة بواقع الحال في المعطيات الأكثر حسماً وأهمية، وقد كانت استتباعات المنهج الاختياري التفضيلي للعناصر الخبرية الأكثر أهمية، والتركيز على العناوين الفاصلة، والاشتغال على عتبات النص بتبويب وتوصيف رائيين لمعنى الحدث ودلالاته .. لقد كان لكل هذه المعايير أثر كبير في تقديم المشهد بمزاوجة حميدة تجمع المختصر والمفيد معاً، ودونما إغفال لبعض التفاصيل الهامة التي تمثل نقاط انطلاق تحليلية لاحقة للمعلومات. يقيني أن قارئ هذا الكتاب سيتوفّر على قيمة معلوماتية استثنائية التقطها المؤلف من بين آلاف الأخبار العاكسة للمشهد، بتراجيديته وملحميته، فقدّم للقارئ مفردات لذاكرة تتأبّى على الخبو والتلاشي، وللمُراقبين منصّات انطلاق لرؤية تحليلية تتكئ على ما كان، لترى ما هو قادم، وللسياسيين المُمارسين عبرة لمن يريد أن يعتبر؛ كما سيجد القارئ نفسه في قلب المعادلة المستقبلية ليمن الأحلام الألفية الفاضلة، الخارج من غلالات القهر والظلم والمُصادرة، استناداً إلى الكثافة الملْحمية لما حدث في الساحات اليمنية منذ تفجر ربيع الغضب اليماني العاتي، والزّخم الجماهيري في أربع أرجاء المدن اليمنية الكُبرى والصُغرى، ووحدة التوق العالي لطُوبى الزمن الطبيعي الذي تعيشه الشعوب الحيّة. لكن ذلك ليس نهاية المطاف، فما حدث ويحدث ليس صُدْفة عابرة، بل تعبير أقصى عن قانون التاريخ الذي يحيل الصُدْفة إلى قانون موضوعي، مداه كامل المُقدمات التي سبقت الحدث، وتلك الإخفاقات التي طالت وتطاولت حتى ألحقت البلاد والعباد بركب الدول الأكثر تخلفاً في العالم. [email protected]