من المتعارف عليه أن الفقر يعد أحد أسباب صناعة الإرهاب، وتكاد تكون الدول أو المجتمعات الفقيرة المرتع الخصب لنمو الإرهاب وتصديره إلى دول العالم، ومع ذلك فليس كل فقير إرهابي، ولكن هناك من يدفع فقرهم للمال بالتزامن مع افتقارهم للإيمان إلى الارتماء في أحضان الجماعات الإرهابية، التي تستبيح الدماء وتزهق الأرواح وتثير الرعب والخوف في أوساط المجتمعات وتخلف الخراب والدمار وانعدام الأمن والاستقرار،حيث تستغل الجماعات الإرهابية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لبعض الفقراء، وتعمل على تجنيدهم في صفوفها مقابل إغرائهم بالمال قبل أن يحولهم إلى مشاريع انتحارية. ولنا في اليمن تجربة مريرة مع الإرهاب حيث لعبت الأوضاع المعيشية الصعبة دوراً بارزاً في انجذاب بعض الشباب باتجاه الجماعات الإرهابية، والتي جعلت منهم عناصر إرهابية مستغلة الإمكانيات المادية التي تمتلكها في إغرائهم، فكان الفقر بالنسبة لهؤلاء الشباب أحد أهم أسباب انحرافهم وسقوطهم في فخ الإرهاب والإجرام، ولو أن الدول الاقتصادية العظمى والمنظمات المانحة عملت على دعم اقتصاديات الدول الفقيرة ومنها بلادنا وسخرت جزءاً من مواردها لدعم التنمية في اليمن والحد من الفقر والإسهام في تحسين أوضاع المواطنين المعيشية وخلق فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل كل هذه الخطوات ستسهم في محاصرة الإرهاب في اليمن وستعود بالنفع على اليمن واليمنيين. في بلادنا لم يقتصر خطر الفقر الذي يوِّلد الإرهاب على المواطنين اليمنيين فقط ،حيث دخل الصوماليون في الخط بعد أن جعل منهم تنظيم القاعدة الإرهابي صيداً سهلاً له من خلال تجنيدهم مقابل مبالغ مالية،حيث تشير المعلومات إلى أن غالبية من يقاتلون اليوم في صفوف القاعدة داخل اليمن هم الصوماليون والذين دفعتهم ظروف بلادهم المضطربة إلى اللجوء في اليمن والدخول إليها بطريقة غير شرعية عبر التهريب،ليشكلوا إضافة إلى ذلك قائمة المشاكل والتحديات التي تواجه الدولة اليمنية، ومع استمرار تدفق الأعداد الهائلة من الصوماليين وفي ظل غياب الرقابة على المنافذ الحدودية وجدت القاعدة من العناصر الصومالية أدوات لتنفيذ جرائمها الإرهابية وأعمالها ومخططاتها الشيطانية التي لاتمت لديننا الإسلامي بصلة، حيث يتم إغراء هذه العناصر بالمال للقيام بأعمال انتحارية أو إرهابية يسقط ضحيتها العديد من المواطنين والضحايا الأبرياء. ولعل الجريمة الإرهابية البشعة التي تعرض لها اللواء سالم قطن قائد المنطقة العسكرية الجنوبية قائد اللواء 31 مدرع بعد خروجه من منزله وهو في طريقه إلى عمله وقد كان المنفذ لها أحد العناصر الإرهابية صومالي الجنسية واستشهد على إثرها اللواء قطن خير تأكيد على نجاح هذه الجماعات الإرهابية في تجنيد اللاجئين الصوماليين وتحويلهم إلى مشاريع إرهابية انتحارية في ذات الوقت تؤكد أثر الهزيمة المذلة التي تكبدتها عناصر الإرهاب التابعة لتنظيم القاعدة على أيدي أبطال القوات المسلحة والأمن في المنطقة الجنوبية تحت قيادة اللواء الشهيد سالم قطن، والذي بصماته كانت حاضرة في تحقيق هذه الانتصارات وهو العسكري المحنك الذي يمتلك مؤهلات القائد الفذ القادر على إدارة المعارك الحربية بنجاح، فكان قرار اغتياله من وجهة نظر قوى الإرهاب بمثابة الثأر على دحرهم من أبين. لقد سبق للقوات المسلحة في سياق مواجهاتها مع عناصر القاعدة في أبين والبيضاء العثور على جثث عناصر صومالية كانت تقاتل في صفوف القاعدة ومن بينهم عناصر متطرفة دخلت اليمن عبر التهريب، والمعلومات تؤكد وجود أعداد كبيرة من الصوماليين في جبهة القاعدة ومن بينهم بعض اللاجئين المقيمين في المخيمات الخاصة بهم في عدن والذين يتحولون إلى خلايا نائمة يتم استدعائها عند الحاجة، وهنا تكمن الخطورة، فاليوم لم يعد تواجد اللاجئين الصوماليين يشكل أزمة اقتصادية واجتماعية فحسب، فلقد صاروا اليوم يشكلون خطراً على الأمن والاستقرار والسكينة العامة وللأسف الشديد أن هذه النماذج السيئة للصوماليين تؤثر سلباً على بقية الصوماليين المتواجدين في بلادنا ولا غرابة بعد الجريمة الإرهابية التي استهدفت المناضل الشهيد سالم قطن أن نسمع الكثير من الأصوات الجماهيرية التي تطالب بترحيل الصوماليين في اليمن، لأنه لا يعرف الواحد منا بعد اليوم الصومالي الإرهابي والصومالي اللاجئ الذي يكد ويشقى من أجل تدبير لقمة عيشه، وهنا لابد من اتخاذ التدابير اللازمة لضمان إبعاد اللاجئين الصوماليين عن الانخراط في صفوف الجماعات الإرهابية، ويجب التعامل بحزم مع العناصر الصومالية التي تخالف الأنظمة والقوانين المعمول بها في البلاد، وكإجراء عاجل فإن السلطات الأمنية المختصة مطالبة بعمل إحصاء دقيق للعناصر الصومالية المتواجدة على الأراضي اليمنية وتحديد أماكن إقامتها وإخضاعها للرقابة والمتابعة ليسهل بعد ذلك تعقب العناصر التي تدخل عبر التهريب، وأعتقد أن قوات خفر السواحل معنية بتشديد الرقابة على المهربين وإحباط كافة محاولات تهريب العناصر الصومالية إلى اليمن، كما يجب تعزيز ودعم هذه القوات من أجل ضمان فاعليتها ونجاحها في أداء المهام الموكلة إليها، لأن الغوغائية والعشوائية القائمة في قضية تدفق اللاجئين الصوماليين لم تعد تحتمل وخصوصاً بعد أن أصبحت تهدد الأمن القومي الوطني، فنحن لا نريد المزيد من الأعمال الإرهابية والعمليات الانتحارية التي يتم تنفيذها بواسطة عناصر صومالية، تماماً كما لا نريد أي أعمال إرهابية على هذه الأرض الطيبة وفي رحاب هذا الوطن المعطاء. نحن ضد الإرهاب وضد ما يقود إليه وفي مقدمة ذلك الفقر، نريد تفعيل الأجهزة الاستخباراتية، نريدها أن تعمل لمصلحة الوطن وتكون حاضرة لمنع الجريمة قبل وقوعها، لا نريدها أن تحمي أفراداً أو جماعات ولكننا نريدها حامية للوطن وأمنه واستقراره، تفعيل الدور الاستخباراتي مطلوب لتعقب خلايا الإرهاب، وهذا يتطلب توفير عناصر وطنية مخلصة ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة والالتزام من أجل أداء ماهو موكل إليه من مهام، وهي دعوة لكافة الشرفاء على امتداد ربوع الوطن الحبيب للإبلاغ عن العناصر المشتبه في تورطها بأعمال إرهابية أو بارتباطها بجماعات إرهابية وهي دعوة لتغليب المصلحة الوطنية على المصالح والمكاسب المادية الرخيصة. إذا كان البعض منا من أبناء وطننا يمن الإيمان الحكمة يبيعون وطنهم من أجل فتات المال المشبوه، الذي تمنحه لهم جماعات الإرهاب والإجرام مقابل تنفيذ أعمال وأنشطة إجرامية بشعة فماذا عسانا أن نتوقع من غير اليمنيين صوماليين وغيرها ممن ارتموا في أحضان الإرهاب، يجب أن تتكاتف الجهود الرسمية والشعبية من أجل محاربة الإرهاب كمطلب يمني نابع من الإرادة اليمنية دن النظر إلى أي اعتبارات أخرى، لأننا من اكتوينا ومانزال من آفة الإرهاب، وإذا كان العالم بدوله العظمى ومنظماته المانحة يريد مساعدتنا في الخلاص من الإرهاب فعليهم أن يقدموا الدعم والمساعدة لتحسين أوضاعنا المعيشية ودعم اقتصادنا الوطني والإسهام في تجاوز تداعيات الأزمة السياسية وبناء الدولة المدنية الحديثة والمتطورة فالاستقرار المعيشي والاقتصادي والاجتماعي كفيل بالقضاء على الإرهاب واجتثاثه من اليمن، فالفقر والإرهاب متلازمان، فمتى وجد الفقر وجد الإرهاب ومتى انعدم الفقر انعدم الإرهاب وهي حقيقة لايمكن إنكارها أو تجاوزها. حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولاعاش أعداء اليمن.