ينبغي أن تقوم حكومة الوفاق الوطني ومعها السلطات النقدية والمالية اليمنية ممثلة بالبنك المركزي ووزارة المالية بمناقشة أوضاع السياسات النقدية والمالية الحالية والمستقبلية ومناقشة أوضاع البنوك المالية المحلية والاجنبية العاملة في البلاد من خلال استعراض دورها وتجربتها في السنوات الماضية وتقديم رؤيتها ودورها المطلوب والمنتظر مستقبلاً في دعم مسيرة البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في ضوء السياسات النقدية والمالية المتعثرة منذ عقود وخصوصا فيما يتعلق بقضايا التمويل والتنمية والاستثمار وقضايا أخرى مهمة كأسعار الصرف وإدارة الاحتياطيات الخارجية والدين العام المحلي والخارجي وقضية التضخم وعجز الميزانية ودور وحدة الصكوك الإسلامية مستقبلا في عملية التنمية التي أنشئت مؤخراً وسلبيات وايجابيات حركة سندات وأذون الخزانة وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني وخصوصاً منها فيما يتعلق بالقطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية الصغيرة والمتوسطة وقطاع الخدمات وغيرها من الاستثمارات الأخرى والتنمية بشكل عام ،رغم أن أذون الخزانة بمختلف آجالها تعد وتتصف بأنها من الأدوات ذات الطبيعة المؤقتة غير أنها ظلت عكس ذلك مستمره ومتزايدة منذ بداية عملية الإصلاح الاقتصادي عام 1995 وحتى اليوم بحجة سد العجز في الميزانية وامتصاص السيولة النقدية من السوق من المضاربة بها في السوق السوداء وغيره. وهذا في تصوري يحتاج إلى اتخاذ جملة من التوجهات والتدابير العاجلة الأخرى.. التي ينبغي التفكير بها وبكيفية عودة رؤوس الأموال والاستثمارات التي خرجت وهاجرت من البلاد اثناء فترة الأحداث والمواجهات« 2011»وحتى اليوم وإلى إعادة الثقة من جديد بالعملة الوطنية وبالقطاع المصرفي والمؤسسات المالية إلى غيرذلك وما تتطلبه المرحلة الحالية من إجراءات وتدابير احترازية وقرارات مهمة وحاسمة وطرق مقنعة تقوم بمعالجة الأوضاع المزرية والعالقة التي لا تزال تمر بها وتعيشها البلاد ووضع رؤية جديدة للمستقبل . لقد أثرت الأحداث الجارية على المالية العامة للدولة حيث ارتفع الدين العام من 856 .2 تريليون ريال حتى عام 2010 إلى 3.177 تريليون ريال عام 2011 كما تأثر الاحتياطي النقدي من 5.941مليار دولار عام 2010 إلى 4.531مليار دولار عام 2011 والذي سيكون على إثره معدل النمو المتوقع خلال العام 2011-2012 سالبا حيث تظهر الأرقام أن العجز في ميزان المدفوعات قد ارتفع من 905.3 مليون $ عام 2010 إلى نحو 1.398مليار$ عام 2011 . ولهذا يقال إن الاقتصاد اليمني اقتصاد ريعي يعتمد على الصادرات النفطية بنحو يقارب 85 % من إيرادات الدولة وعلى المساعدات الخارجية والدين العام المحلي من خلال سندات أذون الخزانة والصكوك الإسلامية التي ظهرت مؤخراً ولذا فإن السلطات النقدية والمالية اليمنية معنية اليوم باتخاذ حزمة من الإجراءات والتدابير الوقائية بالتعاون مع الجهات المعنية والقطاع المصرفي بهدف استقرار سوق الصرف اليمني نتيجة انخفاض في اسعار السلع الاستهلاكية ووضع المضاربات من خلال الرقابة الصارمة على التحويلات الخارجية بالعملات الصعبة وغيرها ، كما أن السلطات النقدية اليمنية بحاجة إلى إدارة جيدة لإدارة الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية من خلال الاستعانة بكفاءات وخبرات مصرفية محترفة تتبنى أساليب وطرقاً حديثة ومتطورة بتوزيع الاحتياطي على سلة عملات مختلفة عملاً بالمثل القائل (لا تضع البيض في سلة واحدة ) كما ينبغي التحول أيضاً من عملية استهداف أسعار الصرف فقط إلى استهداف استقرار المستوى العام للأسعار كما ان هناك عقبات وقضايا مهمة أخرى يمكن التركيز عليها حدثت وشهدتها البنوك اليمنية خلال فترة الأحداث 2011 تمثلت في سحب كثير من الارصدة والودائع وغيرها من البنوك اليمنية وتحويلها من الريال اليمني إلى الدولار وغيره وتم تحويلها أو تهريبها إلى خارج الحدود بمختلف الطرق والوسائل وهو ما انعكس سلبا على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلد وخصوصا على وضع القطاع المصرفي برمته حيث تآكل الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي من 5.941 مليار دولار عام 2010م الى نحو4.531مليار دولار عام 2011م علاوة على معاناة السوق المصرفية اليمنية من تراجع في حجم السيولة النقدية لأسباب لم تكن متوقعة من ذي قبل . كما أنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك اتجاه أو خطة لتشجيع عملية اندماج البنوك العائلية الضعيفة بعضها ببعض لخلق كيانات مصرفية يمنية قوية تتوافر فيها الكفاءه والإدارة السليمة والملاءمة المالية وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها كمقررات لجنة بازل 1+2 وغيره والاستفادة من اقتصاديات الحجم من خلال الالتزام بتنفيذ قرار الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك وملاءمة مقررات بازل بكل مستوياتها وإصدار وإتباع القواعد والقوانين واللوائح الخاصة باندماج البنوك كأن يقوم البنك المركزي أوالبنوك اليمنية نفسها في تبني عملية الدمج والتي تعد اليوم ذا أهمية بالغة لمواجهة درء المخاطر المختلفة والتكتلات الكبيرة محليا ودوليا وغيرها والذي ليس للبنك الضعيف فيه مكان ،فعملية اندماج البنوك اليمنية الضعيفة اليوم فيه كثير من الفوائد والحوافز والامتيازات الضريبة والمنافع الإدارية وغيرها من المنافع التي تحفز على عملية الدمج كما هو معروف ومعمول به دوليا لذا فإن عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصدار تشريعات وقوانين جديدة محفزة لتطبيق عملية الدمج والتخصص هو عمل مطلوب وفي غاية الأهمية للتكيف مع الظروف والواقع الجديد والصعب الذي نعيشه اليوم في ظل الانتشار السريع للعولمة الاقتصادية وتوسيع اقتصاد السوق المفتوح.