ما كنت أتصور أن يسألني أحد عن كتاباتي المتوالية عن القات كشجرة خبيثة يجب أن تجتث من فوق الأرض اليمنية، أو يعيرني بالفشل الذي اعترفت في موضوعين سابقين في بداية هذا الشهر بأنه رافق عمل الجمعية اليمنية لمواجهة أضرار القات والتي تشكلت في منتصف التسعينيات على الأرجح وكنت عضواً إعلامياً مؤسساً لها. فهذا الشامت بحملات التخويف من القات كما أسماها ينظر إلى شجرة القات بأنها من المزروعات الحلال إذ لم يرد عنها حديث أو آية تحرمها كما يريد أعداؤها, ويقصد كل من يدعو مجرد دعوة للحد من توسع رقعة القات لكي لانراه في المستقبل وقد بزغت أغصانه في تهامة وحضرموت وأبين ولحج وبسط على الصحراء كما استحوذ على الجبال والقيعان والسهول التي تعتبر سلة الغذاء الكبرى لليمن. صاحبنا يدافع عن شجرة القات باعتبارها مصدراً للدخل لعدد غير قليل في اليمن وفي مقدمتهم الزارعون لها والمتاجرون بها وهي وسيلة فعالة في اللقاءات الأسبوعية ليوم الجمعة ويوم الخميس, ناهيك عن المناسبات الاجتماعية كالأعراس والعزاء والمؤتمرات التي تعقد خارج القاعات الرسمية والمؤسسات والوزارات. وأتوقف قليلاً عند موضوع المؤتمرات فأؤكد بأن المسئولين في العهد السابق كانوا يهتمون بها وبالأعذار الواهية لتبرير عدم إمكانية عقدها في دواوين الوزارات والمصالح فهم يعتبرون عقدها في نفس الأماكن خارج وقت الدوام الرسمي عملاً إضافياً يحشدون له إمكانيات غير قانونية من محروقات للسيارات التي بعهدتهم من أجل شراء القات من أماكن بعيدة ومشروبات غازية وغير ذلك من متطلبات الساعات السليمانية كما تسمى تذهب في معظمها في النكات والضحك من قبل أشخاص يملكون مقدرة في إنهاء المؤتمِرين أو المجتمِعين بكسر الميم في الكلمتين. وإذا بحث الموضوع الذي باسمه تمت القيلة فلايتعدى وقته النصف ساعة من أجل العودة مرات ومرات للتمتع بالأنس والراحة والإضافي والشراب الغازي والماء البارد المجاني وعندما يتقابل أصحاب الشلة من مسؤولين وموظفين في اليوم التالي لايتحدثون إلا عن القات الفلاني والمنكت الفلاني الذي “يفطِّس” بنكاته المقيلين وقد يشترغ أحدهم بالقات ويصل إلى مشارف الموت. فعن أي زراعة يتحدث هذا المولعي الأعمى الذي لايرى إلى أبعد من أنفه، ولايجب أن يكون بيننا أشخاص يدافعون عن عدو للإنسان والأرض والحيوان والبيئة بمثل هذه المقارنات الشيطانية, وأرد عليه في الأخير بأنني أتنمى لو أحصل على قطعة أرض في أي مكان وعلى مبلغ من المال لأحفر بئراً وأشتري مضخة ومولدا كهربائيا صغيرا فأهجر المدينة وأبني لي بيتاً صغيراً في طرفها وأزرع فيها أي نوع من المزروعات المفيدة للاحتياج الذاتي وبيع الفائض والتحرر من جشع التجار وغلاء الأسعار خاصة في هذه الأيام.