كنتُ قررتُ في أول الشهر الكريم أن أحتجب عني .. وألتقي بالآخرين بشكلٍ أفضل مما أنا عليه من قبل .. فربما سأجد لديهم ما يعينني على تجاوز إشكالية التذمّر من التجمّعات ومقايل الشللية وجماعة قيل وقال . غير أني وبعد أن تجاوزت نصف الشهر الفضيل .. أجدني في متعةٍ فائقة بحلوها ومرها .. بحزنها الذي أثقل الروح بفقدان الأحبة .. وفرحها الذي غمرني بالكثير من السعادة وأنا أبتسم للأمل المحجوب عن زوايا النفوس المتهالكة على اللاجدوى . ومن لا تهذبّه لحظات الإستكانة والصمت .. لن تدفع به أوقات الصخب والثرثرة إلا لمزالق الضباب .. ومهالك ما بعد السُقيا . ومن المؤسف أن يندر بصنعاء مثلاً مُلتقىً تهفو إليه النفس وهو خالٍ من تبعات قيل وقالوا .. أو منتدىً يُشار إليه بالبنان وهو يُسقطُ من خانة رواده قيَم المحسوبية الرعناء .. والإيديولوجية الشنعاء .. أو مقهىً على شارعٍ مُعبّد بالقوارير الفارغة دون أن يكون ممتلئاً بحدس المتوجسين .. وعيون المتربصين .. ودوامة المعتوهين . وبهذا لا أدّعي المثالية في شيء .. أو أنني أريدُ مجتمعاً خالياً من العيوب ! وإنما أريدُ بشراً قادرين على التخلّص من موروثٍ موجع .. وحاضرٍ يدعو للتوهان .. ومستقبلٍ قاتم يدور في مخيلة الحذر . لقد أصبحنا وأمسينا محاصَرين بين أكوامٍ من الأفكار المتأصلة في مجتمعنا .. أو الوافدة إلينا من مجتمعات أخرى .. أو نشأ منّا من يعشق موضة التقليد وتبعية الإنحلال الفكري والتفكيريّ .. حتى أصبح هاجس خلاصة المتفيقهين فِكراً كامرأةٍ تريدُ أن تتعرّى .. لكنها لا تدري جيداً من أين تأكل كتف صبوة العيون .. ولا تملك غنجاً أنثوياً يتوافق مع تصرفاتها .. أو بالأصح جاء عُريها في زمنٍ لم يعد لحجابها أو عُريها أيّ قيمة. لهذا أدعو إلى تحكيم العقل في الاقتراب من البشر وفي تجنّب شرورهم .. بعيداً عن عاطفةٍ تودي .. ومغامرة قد تبدو مجرّد واجب اجتماعيّ لكنها في نهاية المطاف قائمة طويلة من الاتهامات والتأطير والمكايدة المشؤومة التي توخز في الروح مسافات طويلة من الإحتجاب والصمت . [email protected]