اليمن بما يمثل من عمق استراتيجي لدول الجزيرة والخليج ,وما يتمتع به اليمن من موقع جغرافي واستراتيجي هام وحيوي للعالم بأكمله من حيث وقوعه على ممر مائي هام, يعبر منه نصف التصدير العالمي من النفط,لذلك أي زعزعة للأمن في اليمن تؤثر على العالم أجمع, وما وقوف الأصدقاء والأشقاء مع اليمن في الأزمة السياسية التي عصفت به منذ مطلع العام الماضي 2011م إلآ تأكيد على إدراك الأهمية الجيوسياسية والأمنية لليمن بالنسبة لهذه المنطقة الحيوية من العالم وللمصالح الدولية ومن هذا المنظور كان التعاطي مع استجابة اليمن لما يسمى “ الربيع العربي” الذي ضربت رياحه الدول العربية من المغرب العربي حتى المشرق,وعبر عن ذلك خروج شباب اليمن بثورة سلمية ومعهم الشعب اليمني في الحادي عشر من فبراير 2011م,من أجل التغيير إلى الأفضل وبما يحقق حياة حرة وعيش كريم في دولة يسودها النظام والقانون وتتحقق فيها العدالة الاجتماعية مسطرين في هذا السبيل ملاحم تجلى من خلالها أن التغيير لليمن واليمنيين بات حاجة وضرورة موضوعية بغض النظر عن المسارات التي أفرزتها الأحداث فيما بعد وأدت إلى انحدار الوضع إلى الأسوأ وانقسام الجيش اليمني لتظهر تداعيات هذه الأحداث خاصة تلك التي استهدفت الشعب بصعوبة تعقيدات أوضاعه الحياتية اليومية وما تعرضت له البنية التحتية الخدماتية مثل الكهرباء والمياه وانقطاع الطرقات وضرب المنشات النفطية وكادت الأمور أن تخلق انفجاراً كبيراً وكارثة أدرك مخاطرها الأطراف السياسية الداخلية والقوى الخارجية, ولولا تدخل الأشقاء والأصدقاء إلى جانب اليمن لحدث مالا يحمد عقباه, ولانزلق اليمن إلى هاوية الحرب الأهلية, فكانت المبادرة الخليجية بمثابة الممكن في تلك الظروف وكمخرج مشرف ومرضي للجميع, كما باركتها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن, والأمم المتحدة بتعيينها مستشارا خاصا لها بدرجة أمين عام مساعد لشئون اليمن الدكتور جمال بن عمر الذي لعب دوراً كبيراً في التوافق بين اليمنيين وعدم انجرار اليمن إلى الحرب الأهلية, وتجاوز اليمن بذلك المراحل الصعبة من أزمته والخروج من عنق الزجاجة إلى بر الأمان. لتأتي زيارة رئيس الجمهورية إلى دولة قطر نهاية الأسبوع الماضي ومعه شركاء العملية التوافقية السياسية في البلاد والموقعون على تلك المبادرة والتي لعبت قطر دوراً كبيراً في إنجاح وتنفيذ المبادرة على أرض الواقع ما هو إلآ تتويج لمرحلة التوافق والاتفاق وإنجاز المرحلة الأولى من المبادرة وآليتها التنفيذية, ولما تلعبه قطر من دور بارز وفاعل في المنطقة , ولما لليمن من موقع هام في جنوب الجزيرة والخليج , وقطعاً الأحداث الأمنية الجارية في اليمن تؤثر في أمن دول الجوار وتسبب قلقاً متزايداً لديهم وباعتبار اليمن العمق الاستراتيجي والبوابة الجنوبية لدول الجزيرة والخليج , وان امن اليمن من أمن دول الجزيرة العربية واستقراره من استقرار وأمن المنطقة أيضاً”.. كان لابد من هذه الزيارة الأخوية للتباحث والتشاور بين الأشقاء حول مستجدات ما يجري على الساحة اليمنية وعلى وجه الخصوص في ضوء سير تنفيذ عملية التسوية السياسية التاريخية في اليمن المرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014و 2015,والتعامل مع اليمن كشريك رئيس وهام في المنطقة الذي يوجب الوقوف معه من منطلق المصالح المشتركة وليس شيء أخر ,وإخراج اليمن من أزمته الراهنة هو في مصلحة كل الأطراف العربية الخليجية والشركاء في العالم, وإبقاء اليمن على الوضع الحالي بالتأكيد ليس في مصلحة تلك الأطراف..!!