يترقب الشارع اليمني وكذا شعوب المنطقة ما ستخرج به القمة الخليجية التي ستلتئم اليوم في الرياض من قرارات بشأن دعم اليمن في المجالات التنموية والاقتصادية وبما يمكنه من تجاوز تداعيات وانعكاسات الأزمة التي مر بها خلال الأشهر الماضية، واستعادة عافيته والخروج من عنق الزجاجة، وبدء مرحلة جديدة من البناء والنهوض، خاصة وأن الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي قد أخذوا على عاتقهم، بحكم علاقة الإخاء والجوار والرابطة الوثيقة التي تجمعهم باليمن، مسؤولية إسناد اليمن ودعمه من أجل تجاوز الأزمة العاصفة التي آلمت به خلال الأشهر الماضية، وذلك بتبنيهم للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية اللتين تم التوقيع عليهما برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الذي كان حريصا على ألا تتجاوز هذه الأزمة الخطوط الحمراء، وألا تنال من وحدة وأمن واستقرار اليمن، لإيمانه وإخوانه قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بأن أمن اليمن ووحدته يمثل عنصراً هاماً واستراتيجيا لأمن واستقرار منطقة الجزيرة والخليج عموما. ويتطلع الكثير من المراقبين إلى وقوف القمة ال32 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي أمام احتياجات اليمن العاجلة والحيوية من وسائل الدعم والإسناد في هذه الفترة الحساسة. وأن قادتها الذين لم يدخروا جهداً من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية اليمنية، حتى وصلوا بها إلى الاتفاق على المحددات التي تساعدهم على اجتياز خلافاتهم والتوافق على الحلول التي تضمنتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لن يتوانوا أو يتأخروا في دعم أشقائهم في اليمن، واعتماد التمويلات اللازمة، التي تنهض به من عثرته وتعينه في التغلب على تحدياته ومصاعبه الاقتصادية والتنموية والأمنية. وإننا لعلى ثقة من توفر هذه الإرادة لدى أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، الذين تحتل بلدانهم مكانة خاصة في قلوب أبناء الشعب اليمني، الذين ظلوا على الدوام ينظرون لمواقف أشقائهم في المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بكثير من الود والتقدير والاحترام والامتنان عرفانا منهم بتلك المواقف الصادقة والمشرفة، التي تدل على أن ما يربط اليمن بأشقائه عروة وثقى لا انفصام لها، وهو ما يجعل العلاقات بينهما تقدم الأنموذج الذي ينبغي أن يحتذى به في العلاقات بين الأشقاء. وتتضاعف ثقتنا أكثر بما ستخرج به القمة الخليجية من قرارات لدعم اليمن وحكومة الوفاق الوطني، في ظل ما أبدته هذه الدول من استعدادات ووعود، لقناعتنا بأن الأشقاء باتوا يدركون تماما أن استقرار وتنمية اليمن سيسهمان بشكل إيجابي كبير في تعزيز أمن واستقرار المنطقة. كما أن تغلب اليمن على معضلتي الفقر والبطالة، اللتين تراكمت تعقيداتهما بفعل شحة الموارد والانفجار السكاني الهائل، سينعكس بإيجابياته على أشقائه، حيث وأن يمنا آمنا ومزدهراً سيجعل منه رافدا لقوة أشقائه، ولما من شأنه الحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة، وصيانة حاضر ومستقبل أبنائها من كل الأعاصير والأمواج المتلاطمة والتحديات العارضة والاستثنائية، والمضي بها إلى شاطئ الأمان وبر السلامة. وسيظل أبناء الشعب اليمني يذكرون لأشقائهم وقوفهم إلى جانبهم في السراء والضراء وما قدموه من عون وإسناد خلال الأزمة الأخيرة التي مرّ بها اليمن حتى تحقق الانفراج السياسي والتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي شكلت مخرجا مشرفا لجميع الأطراف ومنحت اليمنيين الفرصة للخروج من النفق المظلم بتوافق سياسي لا غالب فيه ولا مغلوب. وقد كان الوطن اليمني هو الكاسب الأكبر وهو يجتاز منعطفه الصعب، بعد أن ظن البعض أنه هالك لا محالة، وأنه قاب قوسين أو أدنى من الصوملة، وغاب عن هؤلاء أنه يمن الإيمان والحكمة.