المعلوم أن الحروب النظامية بين الدول يمكن السيطرة نسبياً على استتباعاتها المادية التقديرية؛ غير أن ما يجري في سوريا نمط قاتم لحرب داخلية تتفتَّق يومياً عن مزيد من الفخاخ القاتلة.. تلك التي تقودها ميليشيات صغيرة العدد، كثيرة الانتشار أُفقياً، وتترادف معها استشارات عسكرية مُدركة للأبعاد اللوجستية والمادية لتلك المواجهات، ذلك أن القيادات الفعلية للمواجهة خرجوا أصلاً من أعطاف الجيش النظامي، وهم الأساس في مقارعة جيش النظام المُدجّج بالسلاح، وخاصة لجهة المعرفة العالمة بالميزات النسبية لكل طرف في المواجهة. حالة الإنسداد السياسي المقرون بانسداد التفاهم بين اللاعبين الدوليين الكبار يجعل من سوريا أخطر بروفة لإدارة حرب باردة جديدة يدفع ثمنها في المدى المنظور الشعب السوري، وربما تمددت الحالة إقليمياً في المدى المتوسط، لكن الكبار الذين يعتقدون أنهم بمنأى من بلايا هذه الحرب وأنهم سيديرونها بالإشراف عن بُعد، والسلاح الفتاك، عليهم أن يراجعوا مقدمات الحربين الكونيتين، ليعلموا حقاً وصدقاً أن الشرارة الصغيرة قد تحرق سهلاً بكامله، كما كان يقول كبير النيتشويين البراغماتيين الصينيين، الرئيس الأسبق “ماوتسي تونغ” صاحب كتاب (6 مقالات عسكرية)، وفيه يستعيد نظرات الحكيم « صن تسو » في كتابه الخطير بعنوان (فن الحرب) الذي كان ومازال يُمثل قدس أقداس الحروبيين في العالم. ما يجري في سوريا يعيد تكثيف هذه المفاهيم، ويضع الجميع عند محطة كئيبة لتداعيات خطيرة لا يعلم مداها إلا الله. التداعيات القادمة تلتبس على الفهم والمفهوم، وتجري نحو مصائرها المحتومة التي كالقدر الصاعق، فإما الحياة، وإما الموت، وبين هذه وتلك برازخ غائمة وأحوال قاتمة. [email protected]